يوم الوحدة الوطنية.. يوم الأمل
أود أن أقرأ ما بين السطور، لنفسي على الأقل، ليستمر حلمي!
***
إن كمّ الحزن الذي أصاب الوطنيين والمخلصين من شعبنا، ومن الشعوب المحبة لنا، وكل من يحب الفن ويقدره، لوفاة الفنان عبدالحسين عبدالرضا، كان مفاجئاً في ضخامته وصدقه وعفويته وزخمه، وهذا يعني أن عبدالحسين، الإنسان، وعندما كان حياً يرزق، كانت له مكانة عالية في قلوب وعقول الكثيرين منا. وعبدالحسين، الذي سيوارى جسده الثرى قريبا، ستكون له مكانة أكبر، إن استطعنا أن نستغل هذه الفرصة التاريخية لتحقيق هدفين ساميين.
فقراءتي لما بين السطور بينت أن السبب وراء كل هذا الزحم في إبداء الحزن والأسى على وفاة الفقيد، وعلى ما كان له من مكانة عالية في قلوبنا، كانت في جزئها الأكبر خالصة للرجل ولسيرته وتراثه. أما الجزء الأصغر، والأقل بكثير، فكان، محلياً على الأقل، ردة فعل لكل ذلك الاستقطاب الطائفي البغيض، الذي عايشناه في الأسابيع القليلة الماضية، ذلك الاستقطاب الذي شق مجتمعنا الطيب والصغير إلى قطع أكثر صغراً، وأكثر بغضاً وعداوة بعضه لبعض.
لقد أمتعنا عبدالحسين في حياته، وعلينا أن نجعل من وفاته نقطة انطلاق لتحقيق الوحدة الوطنية، التي طالما تغنى بها الراحل وعمل من أجلها، على أسس راسخة، عصية على أي مفتر أو حاقد، من خلال تطبيق قانون الوحدة الوطنية على أي منتهك لبنوده، من دون رحمة.
والأمر الآخر هو أن نجعل الكويت بالفعل غير، أو شيئا آخر، شيئا مختلفا عن كل دول المنطقة! فنحن حقا مميزون بأمور كثيرة، وهذا التميز كاد أن يضيع، ويجب بالتالي المحافظة عليه وتنميته. فنحن نتميز بفخرنا الصادق بقيادتنا. ونحن فخورون بعضنا ببعض، فخورون بتنوعنا، فخورون بحرياتنا، فخورون بكل هذا الكم من المبدعين بيننا، فخورون بكرمنا، وبإنسانيتنا، فخورون بمساعدتنا لعشرات دول العالم، فخورون ببرلماننا وبدار الأوبرا، وبقصر السيف، وبصحافتنا، وبتلاحمنا وقت الشدائد قبل المسرات.
لا نطلب الكثير عندما لا نطالب بغير تطبيق القانون على الجميع، ولا شيء غير ذلك يجعلنا نستمر في تميزنا، ويقوي ذلك التميز، ويجعلنا دولة فريدة بحق. فهل تنجح وفاة الفنان المبدع، عبدالحسين، في دفعنا إلى أن يكون يوم رحيله يوم «عيد الوحدة الوطنية»، الذي سنحتفل به في الثاني عشر من أغسطس العام المقبل، وكل عام؟
سيدي الكبير، نحن جميعا معنيون بهذا الأمر، ولكن فقط أنت بيدك وضع هذين الحُلمين على جادة التحقق.
أحمد الصراف