كيف نعمر لمئات السنين؟
يعتبر بل ماريس bill maris واحداً من أكبر أغنياء العالم، ومن الخبراء في علوم الحياة، وهو أيضاً استثماري كبير، ومؤسس شركة غوغل لإدارة الأموال، وأول رئيس لها، ويتجاوز ما تديره من أموال ثلاثة مليارات دولار.
يؤمن ماريس بإمكانات الذكاء الصناعي المستقبلية الكبيرة، وبعلوم إطالة العمر، وأسس في هذا المجال شركات عالمية ضخمة لها مشاريع مستقبلية واعدة.
يبدو ماريس، الذي لم يتجاوز الأربعين من العمر، كأنه شاب في العشرين، ويعتقد بقوة أن بإمكان الإنسان أن يعمر حتى يبلغ الـ500 عام.
قد يبدو هذا الكلام وهماً، وقد لا يصدقه الكثيرون، مثلما أنكروا كل ما بين أيدينا اليوم من مخترعات كانت خيالاً قبل بضع سنوات فقط، وأصبحت الآن أموراً عادية. فالعالم راي كوزويل، الذي استعانت به غوغل العملاقة لمساعدة ماريس في معرفة كيف يمكن للآلات تجاوز قدرات البشر، يعتقد بأن البشرية مقبلة مع عام 2045 على آفاق خيالية لا يمكن وضع حدود لها، حيث سيكون للكمبيوتر دور يتجاوز دورنا كبشر، وستصعب علينا السيطرة عليها. كما سيكون من الممكن إجراء تحول جذري على بيولوجية الإنسان من خلال النانوبوتس، وهي التكنولوجيا الافتراضية البالغة الصغر التي بإمكانها العمل باستقلالية وخلق كائنات حية، وتغيير كل ما يتعلّق بالـdna البشري، وكيف نعيش ونموت! وهنا يأتي دور ماريس في اكتشاف هذه القدرات، وتكوين وتمويل الشركات التي يمكنها الصرف على هذه الأبحاث المعقّدة والبالغة الكلفة.
ربما يبتسم البعض لقراءة ما يعتقدون بأنه هراء، ولكن ابتساماتهم ستختفي عند علمهم بأن غوغل، والتي لا نعرف حتى كيفية كتابة اسمها بالعربية بطريقة صحيحة، والتي تبلغ إيراداتها السنوية قرابة الـ70 بليون دولار، وهذا يقارب ضعف إيرادات الكويت من النفط، هي العملاق الذي يقف وراء هذه المشاريع الصعبة التخيل، وبالتالي هي لا تسعى إلى الربح بقدر سعيها لتحقيق أمر غير مسبوق، ولكي تتجنب المصير المظلم الذي لاقته شركات كانت يوماً عملاقة، وأصبحت اليوم لا شيء!
لقد استثمرت غوغل مبالغ ضخمة في عدة مشاريع مستقبلة، ومع عقول نادرة، ومنها مشروع كاليكو calico، الذي ضخت فيه مئات ملايين الدولارات والمتخصص في أبحاث وقف الشيخوخة. كما استثمرت مبالغ مماثلة مع شركة غوغل x التي تعمل على صناعة حبة أو قرص يحمل جهازاً متناهي الصغر، يمكنه، بعد بلعه، السير في عروقنا واكتشاف أي أورام والقضاء عليها، وبالتالي جعل الحياة خالية من الأمراض وأكثر صحة!
إن المسؤولين عن صناديق الاستثمار الحكومية مطالبون بالاتجاه في استثماراتهم لهذه المجالات والخروج التدريجي من الاستثمار في الصناعات التقليدية، كالسيارات والمصارف، والنفط.
هذا حال الغرب وما يجري فيه، ولكن ماذا نجد إن ولينا وجوهنا شطر مضاربنا؟ سنأسف حتماً لهوان أحوالنا، وضعف قدراتنا، وتفاهة اختلافاتنا، ووهم معتقداتنا بأننا أفضل من غيرنا، وانشغالنا بالأبوال، وبمن هو الشيعي ومن هو السنّي، ومن الذي سيدخل الجنة، ويترك الآخر خارجها!
أحمد الصراف