العين السحرية
انتشرت على وسائل التواصل مؤخرا كليبات سخيفة وساذجة تحذر من قيام فنادق شهيرة بوضع كاميرات خفية في غرف النوم، تقوم بتصوير الضيوف في أوضاع حميمية، وكان آخرها لمسافر كويتي لاحظ وجود «عين سحرية» على شاشة تلفزيون غرفته في فندق فخم في أذربيجان. بعدها بأيام اعتذر الضيف عن الخطأ الذي وقع فيه، إذ عرف أن العين هي خاصة بالريموت كونترول.
تلك القصة وغيرها أعادتني لأربعين عاما، عندما كنت ومجموعة أخرى من المصرفيين من دول عدة، نتلقى تدريبا مصرفيا في «مدرسة وارتون»، في مدينة فيلادلفيا. وفي أحد الأيام زارني صديقان كويتيان من ولاية بعيدة، وبسبب عدم وجود أي غرفة في أي فندق في المدينة قمت بتسهيل أمرهما والطلب من أحد المشاركين، وكان من طهران، أن يستضيف أحدهما في غرفته، أما الآخر فاكتفى بالنوم على أريكة غرفة الضيافة الخاصة بمجموعتنا، ولم أستطع استضافته في غرفتي لأنني كنت حينها مع زوجتي.
في اليوم التالي أخبرني صديقي الكويتي، الذي نام في الليلة السابقة مع الإيراني، بأن مضيفه شخص غريب، حيث قام فور دخولهم الغرفة، بالطلب منه الانحناء تحت مستوى معين في الممر، كما فعل هو. ثم قام بخلع ملابسه وكشف جسده للحائط على مستوى معين، للحظات قبل أن يعود ويرتدي ملابسه، وعندما سأله تفسيرا لما فعل، قال إن في الحائط كاميرا سرية تصور حركاته، وإنه يعتقد أنه مراقب، لأنه معارض لنظام الشاه، ويحاول أن يري من يراقبه سوأته، غير عابئ بتبعات أفعاله، وأنه يفعل ذلك منذ أشهر، كلما رأى الضوء منارا في ذلك الثقب الصغير في الحائط! وأنه يفكر في طلب اللجوء لأميركا وعدم العودة لإيران، بعد انتهاء الدورة!
ضحكت وزوجتي كثيرا لسماع تلك القصة، وعرفنا السبب، ولكني لم أخبر صديقي به، بانتظار قدوم صاحبنا، رضا، لنسأله المزيد عن الموضوع، وعندما جاء وسألناه عن الكاميرا أو العين السحرية، استفاض في الحديث عنها، وبيّن مخاوفه، وكيف أن جميع مكالماته الهاتفية مراقبة، وبالتالي يتصرف بحذر شديد في غرفته ولا يجري أي مكالمات فيها، ولا يرد على أي مكالمة. فسألته إن كانت تلك العين مضاءة دائما او أحيانا، فقال أحيانا. فقلت له هناك ما يماثلها في غرفنا جميعا، وهي ليست عين سحرية ولا كاميرا سرية، بل مجرد لمبة تضاء تلقائيا في حال ورود مكالمة للغرفة، ولا أحد يرد عليها!
ضحكنا جميعا من سذاجة صاحبنا رضا، الذي ذهب لغرفته للتأكد من الأمر، وعندما اطمأن إلى أنه غير مراقب، شاركنا الضحك، وارتاح باله وأخبرنا أنه عدل عن فكرة اللجوء السياسي، وأن عشاء تلك الليلة، بمناسبة براءته من المراقبة السرية، سيكون على حسابه!
***
استدراك: ما ذكرناه في مقال الاثنين عن آخر كسوف عام 1918 وكسوف عام 2024 يتعلق بالظاهرة في الولايات المتحدة فقط. فالمعذرة.