لماذا نكره الصريح الصادق؟
ما أراد الدلاي لاما قوله، ببساطة، هو أن الدين وسيلة وليس غاية. فالغاية هي صلاح حال البشر والمجتمعات!
والآن، إن اتفقنا مع تعريف الدلاي لاما للعقيدة، كان بها. وإن اختلفنا معه، فإننا بذلك نخالف الفطرة البشرية والميل الإنساني للتعايش مع الآخر.
ومن هذا المنطلق استغربت ردود البعض السلبية على ما أبديته من صراحة وشفافية في إجاباتي عن أسئلة برنامج «وسّع صدرك» للمقدّم المبدع جعفر محمد، التي كشفت أن الصراحة وصدق القول أمور غير مرغوبة في مجتمعاتنا، التي اعتادت على التغطية و«الخش والدس»، وادّعاء ما لا نبطن، حتى لو تسبّب ذلك في إصابتنا بــ «الشيزوفرينيا»، أي فعل الشيء ونقيضه.
وأتذكر جيدا، عندما كنت أعيش في لندن، أن ضيوفي من الكويت كانوا غالبا ما يصرّون على تناول العشاء في أفخم المطاعم الغربية، وكانوا يبالغون في حرصهم على عدم تناول أي أطعمة محرمة، ولكنهم كانوا جميعا تقريبا يطلبون مني، في نهاية السهرة، أن اصطحبهم لنادٍ ليلي أو لكازينو قمار! وهذا ذكرني بمقولة صدرت مؤخرا عن نائب رئيس وزراء ماليزيا من أن كثيراً من المسلمين حريصون على عدم تناول الطعام الحرام، ولكنهم ليسوا بذلك الحرص مع المال الحرام.
كما أن معايير حكم الكثيرين على غيرهم تتحدّد بالصلاة، فكل من صلّى فهو صالح، وتاركها هو الذي يستحق النبذ، والقتل، كما تنص فتاوى كثيرة! ولا أدري أين ذهبت مقولة: المسلم من سلم الناس من يده ولسانه؟ وماذا عن صدق الإنسان وأمانته وعفة لسانه وإخلاصه لوطنه ومجتمعه وأسرته؟
أحمد الصراف