أكياس أم عادل
تقع شقة أم عادل في شارع بيكر، القريب من شارع أكسفورد الشهير، في قلب لندن.
تقضي أم عادل، كدأبها منذ سنوات، الصيف مع أسرتها الصغيرة في لندن، وغالبا ما تصحبهم مساعدتهم الفلبينية.
تقوم أم عادل، كل يوم تقريبا بالسير من شقتها لبضعة كيلو مترات، قبل أن تدلف الى محل سلفريدجز، للتبضع وشراء حاجياتنا من الطعام لطبخ اليوم، أو «الإيدام». أخبرتني يوما أنها أخطأت في إحدى المرات عندما اختلط الأمر عليها فاشترت قطعة «هام» وهي تظن أنه لحم بقر! وقالت إن طعمه في المرق كان «ناطعا». وعندما اكتشف زوجها خطأها، قضت اليوم كله وهي تفرّش أسنانها!
تعلمت أم عادل أن تأخذ معها كيس التسوّق المصنوع من القماش، لتجنب دفع مبلغ إضافي ثمنا لكيس البلاستيك في السوبر ماركت. وتقوم أحيانا بأخذ العربة الصغيرة معها، إن كان ما تود شراءه في ذلك اليوم كثيرا أو ثقيل الوزن. وتقول إنها غالبا ما تأخذ أكياس القمامة لمركز تجمعها وتضع كل كيس بمحتوياته في الحاوية المخصصة للزجاج أو فضلات الطعام أو البلاستيك. ولكن ما ان تعود للكويت، وللسائق «راجو»، ولخدمها الأربعة حتى تتحوّل لشخص آخر، يسير على أربع، حسب تعبيرها، كناية على اعتمادها على شغالاتها في كل شيء. فالجمعية، القريبة من البيت جدا، لا يجب الذهاب اليها مشيا، فهذا لا يجوز في الضاحية. كما يجب أن يصحبها السائق «راجو» وأحد الخدم لحمل أكياس التسوق البلاستيك عنها، وانها لم تفكر يوما في أن تأخذ معها كيس قماش أو حقيبة تضع فيها مشترياتها من الجمعية، وان لم تكن تفعل ذلك، ربما لأن أكياس البلاستيك مجانية، ولا تريد أن تتصرّف بخلاف السائد في مجتمعها، لكي لا توصف بالمتحذلقة! وتقول انها تتحوّل الى شخص آخر في الكويت أكثر كسلا، بحيث لا ترغب في السير أو التنقل بين طوابق البيت، إلا من خلال المصعد!
وتتساءل: ما الذي تغيّر فيها، وهي التي كانت قبل أيام في لندن، شخصا آخر محبّا للبيئة وتعمل من أجل المحافظة عليها، نشطة في حركتها، لا تمانع في القيام بأشياء كثيرة من دون الشعور بالحرج؟
والجواب يكمن في ثقافة مجتمع تمت تربيته، على يد جحافل جمعية المعلمين التي يسيطر عليها «الإخوان» منذ عقود، ومناهج الوزارة التي ترسخ الاتكالية، وعدم الاكتراث بأمور البيئة ولا بصحة الفرد النفسية والجسدية، والتركيز بدلا من ذلك على القشور.
إن للبيئة حقا علينا، ولأجسامنا وصحتنا النفسية حقا علينا، وللمجتمع حقا علينا، وهذه جميعها أمور لا تتطرّق مناهج المدارس وبرامج التوعية اليها غالبا. وغير معروف متى ستتحرك هيئة البيئة أو جمعية البيئة، وتضع حدا لكل هذا الهدر في استخدام أكياس التسوق؟ ولماذا لا تفرض الجمعيات خمسين فلسا مثلا ثمنا لأي كيس تسوّق بلاستيك، يذهب ريعه للصرف على تحسين بيئة المنطقة نفسها؟
إن أي تأخير في تطبيق مثل هذه المقترحات سيجعل من شعارات هيئة البيئة الهادفة لجعل الكويت بيئة خالية من البلاستيك مع عام 2020 نكتة سمجة.
أحمد الصراف
تقضي أم عادل، كدأبها منذ سنوات، الصيف مع أسرتها الصغيرة في لندن، وغالبا ما تصحبهم مساعدتهم الفلبينية.
تقوم أم عادل، كل يوم تقريبا بالسير من شقتها لبضعة كيلو مترات، قبل أن تدلف الى محل سلفريدجز، للتبضع وشراء حاجياتنا من الطعام لطبخ اليوم، أو «الإيدام». أخبرتني يوما أنها أخطأت في إحدى المرات عندما اختلط الأمر عليها فاشترت قطعة «هام» وهي تظن أنه لحم بقر! وقالت إن طعمه في المرق كان «ناطعا». وعندما اكتشف زوجها خطأها، قضت اليوم كله وهي تفرّش أسنانها!
تعلمت أم عادل أن تأخذ معها كيس التسوّق المصنوع من القماش، لتجنب دفع مبلغ إضافي ثمنا لكيس البلاستيك في السوبر ماركت. وتقوم أحيانا بأخذ العربة الصغيرة معها، إن كان ما تود شراءه في ذلك اليوم كثيرا أو ثقيل الوزن. وتقول إنها غالبا ما تأخذ أكياس القمامة لمركز تجمعها وتضع كل كيس بمحتوياته في الحاوية المخصصة للزجاج أو فضلات الطعام أو البلاستيك. ولكن ما ان تعود للكويت، وللسائق «راجو»، ولخدمها الأربعة حتى تتحوّل لشخص آخر، يسير على أربع، حسب تعبيرها، كناية على اعتمادها على شغالاتها في كل شيء. فالجمعية، القريبة من البيت جدا، لا يجب الذهاب اليها مشيا، فهذا لا يجوز في الضاحية. كما يجب أن يصحبها السائق «راجو» وأحد الخدم لحمل أكياس التسوق البلاستيك عنها، وانها لم تفكر يوما في أن تأخذ معها كيس قماش أو حقيبة تضع فيها مشترياتها من الجمعية، وان لم تكن تفعل ذلك، ربما لأن أكياس البلاستيك مجانية، ولا تريد أن تتصرّف بخلاف السائد في مجتمعها، لكي لا توصف بالمتحذلقة! وتقول انها تتحوّل الى شخص آخر في الكويت أكثر كسلا، بحيث لا ترغب في السير أو التنقل بين طوابق البيت، إلا من خلال المصعد!
وتتساءل: ما الذي تغيّر فيها، وهي التي كانت قبل أيام في لندن، شخصا آخر محبّا للبيئة وتعمل من أجل المحافظة عليها، نشطة في حركتها، لا تمانع في القيام بأشياء كثيرة من دون الشعور بالحرج؟
والجواب يكمن في ثقافة مجتمع تمت تربيته، على يد جحافل جمعية المعلمين التي يسيطر عليها «الإخوان» منذ عقود، ومناهج الوزارة التي ترسخ الاتكالية، وعدم الاكتراث بأمور البيئة ولا بصحة الفرد النفسية والجسدية، والتركيز بدلا من ذلك على القشور.
إن للبيئة حقا علينا، ولأجسامنا وصحتنا النفسية حقا علينا، وللمجتمع حقا علينا، وهذه جميعها أمور لا تتطرّق مناهج المدارس وبرامج التوعية اليها غالبا. وغير معروف متى ستتحرك هيئة البيئة أو جمعية البيئة، وتضع حدا لكل هذا الهدر في استخدام أكياس التسوق؟ ولماذا لا تفرض الجمعيات خمسين فلسا مثلا ثمنا لأي كيس تسوّق بلاستيك، يذهب ريعه للصرف على تحسين بيئة المنطقة نفسها؟
إن أي تأخير في تطبيق مثل هذه المقترحات سيجعل من شعارات هيئة البيئة الهادفة لجعل الكويت بيئة خالية من البلاستيك مع عام 2020 نكتة سمجة.
أحمد الصراف