ورطتنا مع صفاء
لا شك في أن النائب، أو النائبة صفاء الهاشم، قد خلقت بتصريحاتها العنصرية واللإنسانية، المتسمة بقدر كبير من الفوقية الفارغة، لنفسها سمعة في دول عدة، خصوصاً التي لها جالية كبيرة لدينا، كما خلقت متابعين لها في أغلبيتهم من بسطاء المواطنين الذين لا يودون العمل، ويعتقدون أن مطالبات النائبة ستحقق لهم رخاء، وأن الوافدين هم سبب كل مشاكلنا، من مرور وصحة وتعليم وأمن. ولكن ما هكذا تورد الإبل يا صفاء، فهذا الخلل السكاني أنت أحد أسبابه، وشريكة في خلقه!
فأغلبية العاملين في بيتك أو في مصالحك التجارية، إن لم يكونوا جميعاً، من الوافدين، وفشلك في إحلالهم بمواطنين يعني فشلك في أن تكوني قدوة حسنة وأنت المشرّعة. وبالتالي، من الضروري أن تبدأي بنفسك لنقتدي بك.
كما أنك مدانة كمشرعة لتخاذلك عن تقديم التشريعات التي تحدّ من تدفق العمالة الى البلاد!
كما أنك مدانة، كمشرعة أيضاً، لتخاذلك عن تقديم التشريعات الضرورية التي من شأنها تغيير نظرة النشء، وعشرات آلاف العاطلين عن العمل من الكويتيين، الى الأعمال الجيدة والشريفة التي يقوم بها الوافد. فمعهد التمريض مثلاً يقوم منذ أربعين عاماً بتخريج الآلاف، ولكن لا أحد منهم قبل القيام بهذا العمل الإنساني. ونجد العزوف ذاته في مهنتي الإمامة والمؤذن، حيث فشلنا على مدى نصف قرن في توطينهما، فهناك 30 كويتياً تقريباً بين 2000 إمام مسجد ومؤذن يعملون في الأوقاف!
والأخطر من ذلك فشلك، أو ربما عجزك، في تقديم استجواب، أو حتى سؤال صريح، يتعلّق بالكشف عن أسماء المتاجرين بالبشر من تجار الإقامات، ربما لأنهم من علية القوم والمتنفذين الذين تصعب محاسبتهم، على الرغم من كونهم أحد أهم أسباب خلل التركيبة السكانية.
ومن كل ذلك، نجد أن العيب ليس عيب الوافدين، الذين يقوم معظمهم بأعمالهم بشرف وأمانة يفتقدها الكثير من المواطنين، فنسبة إنجاز الوافد في الحكومة والشركات والتزامه بالحضور أعلى. كما أن الوافد لم يأت شاهراً سلاحه، فارضاً نفسه علينا، بل نحن الذين تنازلنا له عن حق أداء أعمالنا التي كان آباء وأجداد الكثيرين منا يقومون بها، بسبب تغير نظرتنا إلى تلك الأعمال، وعدم قبول أدائنا لها اليوم، إما كسلاً وإما ترفعاً، ثم تأتي صفاء أو غيرها لتلوم الوافد بدلاً من أن تعالج ترفع المواطن، وتعدل سلوكه، ليصبح أكثر نشاطاً، وأكثر احتراماً لغيره، وتقديراً للعمل الشريف!
إن الصيف سيأتي قريباً، وأريد أن أعرف من الذي سيقوم بصيانة مكيفاتنا، بعد تركيبها وتشغيلها تحت درجات حرارة تفوق الخمسين، ومن الذي سيستخرج بترول صحارينا، ومن الذي سيعالجنا، ويعتني بنا في المستشفيات، ومن سيقوم بآلاف المهن والوظائف الضرورية الأخرى، إن ترك الوافد الكويت لنا، ونحن في أغلبيتنا، إما نستنكف عن أداء أعمال كثيرة، وإما لا نتقن أداءها، أو ننتمي لفريق تنابلة السلطان.

أحمد الصراف
الارشيف

Back to Top