نريد ألف محمد صلاح غالي طه
هو المصري المعروف بمحمد صلاح، لاعب الكرة الدولي، الذي يلعب حاليا مع نادي ليفربول الإنكليزي، ويُعد أهم اللاعبين العرب، والفائز بجائزة الاتحاد الأفريقي لأفضل لاعب في 2017، وأفضل لاعب وفق استفتاء إذاعة البي بي سي، والفائز بعشرات الجوائز العالمية المرموقة الأخرى، وأغلى لاعب عربي، على مدى التاريخ، وأغلى لاعب في نادي ليفربول.
هذه بعض انجازات محمد صلاح غالي طه، الذي أصبح ينافس رونالدو وميسي وغيرهما في الشهرة، والذي تحوّل في فترة قصيرة إلى معبود جماهير كرة القدم، وبالذات جماهير الكرة في بريطانيا، ومشجعي نادي ليفربول بالذات.
على الرغم من أن محمد صلاح إنسان بسيط، ولا يتميّز بشيء غير مهارته الفذة في التلاعب بالكرة، فإنه عندما يسجد على أرض الملعب شاكرا، كما يفعل المسلمون عادة، عند تحقيق أمر عظيم، فإنه يجد كل الترحيب من محبيه.
لست من عشّاق كرة القدم، ولا أتذكر أنني أنهيت مشاهدة مباراة كاملة، إن تصادف وجودي أمام شاشة التلفزيون قسرا، وبالتالي لست معنيا كثيرا بالكتابة عن فنون هذا الرجل، ولكني معني بما أحدثه هذا المصري البسيط من تغيير في سمعة العرب والمسلمين في العالم، وأوروبا بالذات، وما لهذه السمعة الطيبة من تأثير ثقافي ورياضي في مئات ملايين البشر.
لقد اصبح الكثير من العرب والمسلمين، في السنوات القليلة الماضية، يخجلون من السفر خارج عالمهم بسبب حالة الرفض والعداء الشاملة التي أصبحوا يواجهونها في صحافة وشوارع كثير من المدن الأوروبية الكبيرة، بسبب ما اقترفه السفهاء منا في دولهم، والتي أصبحت نتيجة لها صورة المسلم، بلحيته والمرأة بحجابها، مثار توجّس وخوف وشك. وحده محمد صلاح كسر حالة الإسلاموفوبيا، وجعل من منظر المسلم الساجد الشاكر امرا مقبولا، لا بل جميلا.
لقد تسبّب كثير منا، سواء أولئك الذين ارتدوا لبوس الدعاة، أو من ادعوا أن هدفهم إصلاح البشر وإرشادهم من متشددين إسلاميين، افرادا وجماعات وعصابات، مستقلين أو مدعومين من قبل حكومات.. تسبّبوا في الإساءة إلى صورتنا جميعا، كبشر أسوياء محبين للسلام، في أعين بقية شعوب الأرض، بحيث أصبح اسم المسلم او العربي مرادفا للإرهاب والقتل وقطع الرقاب والتفجير، وكل ذلك تحت ظلال صيحات «الله أكبر».
ثم جاء محمد صلاح، بعزفه المنفرد ليغيّر من هذه الصورة، محقّقا النصر تلو الآخر لفريقه. وبالتالي نحن بحاجة إلى العشرات، لا بل للمئات من أمثال محمد صلاح من علماء حقيقيين وليسوا مزيّفين، مبدعين، وليسوا هواة في عشرات المجالات، لنرسلهم إلى الخارج، وما اكثرهم بيننا! نريد محمد صلاح من عازفي الكمان والبيانو ليقيموا حفلاتهم في أشهر دور الأوبرا الأوروبية والآسيوية والأميركية. نريد رياضيين عالميين يرفعون اسم أوطاننا عاليا ويزيلون فكرة العربي أو المسلم الإرهابي من عقول الملايين. نريد محمد صلاح جديدا في عالم الأزياء، ومحمد صلاح في عالم الإخراج السينمائي، ومحمد صلاح في عالم الطبخ، ومحمد صلاح كوميديا ساخرا، ومحمد صلاح أديبا ومحمد صلاح مهندسا معماريا، ومحمد صلاح صحافيا، لنبيّن للعالم أن الجانب المظلم الذي سبق أن شاهدوه عنا ومنا ليس هو الجانب السائد ولا الأكثر نورا وإشعاعا، وأن عالمنا قد اختطفه المتطرفون، وبفضل محمد صلاح وغيره من مبدعينا سنستعيده منهم.
أحمد الصراف