يا وزير التربية.. ما عذرك الآن؟!

ورد على لسان الشيخة سعاد الصباح، في مقابلة تلفزيونية، أنها من مواليد الزبير، والزبير من أقضية البصرة، وأنها تعلمت في مدارسها قبل أن تعود لوطنها الكويت.
ولكن فطاحل وزارة التربية رأوا غير ذلك، فقد ورد في كتاب «العربية لغتنا»، المقرر على تلاميذ الصف الثامن، طبعتي 2015 و2016، والذي ألفه «كوكبة» من الأساتذة على رأسهم مكية إبراهيم الحاج، ومعها كل من فاروق عبدالحميد مخيمر، وجيهان فريد خشوف، زياد بهجت دوامي، ونورة خالد العويهان العنزي، رأوا غير ذلك، حيث ورد في الكتاب حرفيا: ولدت سعاد الصباح في «دولة الكويت» في بيئة كويتية تقليدية ورثت فيها عن والدها حب القراءة والاطلاع والشعر، وتعلمت في مدارس الكويت قبل ان تلتحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة.
والآن، ماذا لو اكتشف طالب أو طالبة واقعة تغيير الحقيقة في سيرة شخصية معروفة؟ ما الذي سيفكر به أو سيعتقده عن مستوى التعليم في الكويت؟ وكيف يمكن تبرير مرور مثل هذا الخطأ الفادح على خمسة «أساتذة» ويستمر لسنة وراء أخرى؟
هذا دليل واحد فقط على مدى ضعف مناهج التربية، وهزال موادها وضعف مستوى واضعي المناهج. وهناك بالطبع أمثلة كثيرة صارخة أخرى ولكننا اخترنا هذا المثال لطرافته، وعدم الاختلاف عليه، وكمدخل لموضوع مقالنا اليوم!
كانت الكويت، وعلى مدى عقود عدة، الدولة الأكثر تأثرا في العالم أجمع بما كان يجري في السعودية. وكان لرجال الدين فيها الدور الأكبر في تشكيل فكر الحكومات المتعاقبة لدينا والأفراد، وفي التأثير على ما هو أخلاقي أو غير ذلك في حياتنا ومناهج مدارسنا. كما كان لها ولمئات رجال الدين الزائرين منهم والمقيمين، بمحاضراتهم ولقاءاتهم، ونصحهم للمسؤولين، دور خطير في تغيير الكثير من الأوضاع والسلوكيات العامة، طوعا أو قسرا من خلال ما فرضته الحكومة علينا من أسلوب معيشة، وما رضيت بإلغائه من مختلف المواد الإنسانية والثقافية من مناهج المعارف واستبدالها بكل ما هو غليظ ومغال في تطرفه من مواد، وكان للإخوان المسلمين دورهم التخريبي المساند والخطير في ترسيخ المثال السعودي وجعله نبراسا تقتدي به مؤسسات الدولة، إلا ما ندر، وكانت نتيجة كل ذلك الكارثة التي نحن فيها، والتردي المخيف على كل صعيد.
بالأمس فقط أعلن عن تحوّلات كبيرة لم يسبق لها مثيل في تاريخ السعودية الحديث، حيث شرعت وزارة التعليم في إلغاء عشرات الكتب من المقرر، وإتلاف ملايين النسخ منها، بعد سحبها من المناهج تماشيا مع الخطط الإصلاحية التي تنتهجها القيادة السعودية، بهدف مواجهة التطرّف والإرهاب، بعد أن عفا الزمن بالفعل على مناهج المدارس. كما طالب الوزير السعودي بإزالة جميع الألغام الفكرية من المناهج، والتي تتعرض منذ سنوات لانتقادات منظمات حقوقية دولية، منها «هيومن رايتس ووتش» التي لم تتوقف عن المطالبة باستبدالها بمناهج حديثة تتواءم مع ما يمرّ به العالم من تطوّر في النظام التعليمي والثقافي والتكنولوجي، والابتعاد عن المناهج التي «تدعو إلى الغلوّ والفكر المتطرّف» بشكل واضح.
وأضاف وزير التعليم السعودى، 21 مارس 2018، بأن السعودية تعيد صياغة مناهجها التعليمية لمحو أي تأثير لجماعة الإخوان الإرهابية وإبعاد كل من يتعاطف معها من أي منصب في القطاع التعليمي. وقال إن الوزارة تعمل على «محاربة الفكر المتطرف من خلال إعادة صياغة المناهج الدراسية وتطوير الكتب المدرسية وضمان خلوها من منهج جماعة الإخوان». وإن الوزارة ستقوم «بمنع الكتب المحسوبة على الجماعة من جميع المدارس والجامعات وإبعاد كل من يتعاطف معهم أو مع فكرهم أو رموزهم، وطردهم من أي منصب إشرافي ومن التدريس». وقال إن تطوير التعليم يعتبر أحد أبرز أركان رؤية المملكة 2030.
والآن طالما أننا استوردنا «روحية» غالبية مناهجنا من السعودية، وطالما أنها تخلت عن ذلك الفكر المتطرف فبالتالي ليس هناك ما يدعونا حقا للتمسك بمواد ونصوص قام من أعطانا إياها بالتخلي عنها!
لقد سبق أن كتبنا قبل شهرين تقريبا بأن مشروع الكويت 2035 سيكون بلا معنى إن لم تصاحبه ثورة في نظم التربية والتعليم، وها هو وزير التعليم السعودي يؤكد ما ذكرناه.
والآن، هل لوزير التربية أي عذر في استمرار تأخير تطوير مناهجنا، والتقاعس عن تنظيف الوزارة من المتخلفين، إخوان الشياطين؟

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top