من لكرامة الضابط والعسكري؟!
غرّد نشطاء في «تويتر» مهنئين اللواء منصور العوضي، الوكيل المساعد لشؤون المنافذ، لموقفه من محاولة السفارة الروسية إدخال شحنة كبيرة قادمة على طائرة خاصة من دون تفتيش أو معرفة محتوياتها. إصرار الجانب الكويتي دفع مسؤولي السفارة الى الطلب من الطيار المغادرة والهبوط في مطار دولة أخرى في المنطقة، نشارك المهنئين في تقديم الشكر للواء منصور على موقفه، مع احترامنا لموقف السفارة، وسرية عملها كدولة عظمى.
قبل شهرين تقريباً كان لي أول اتصال باللواء العوضي للشكوى من وضع معين في المطار، عندما ذهبت في اليوم السابق للاتصال به لاستقبال ضيف أجنبي. فوجئت بأن حاجز تسلّم فيزا الزيارة خالٍ من الموظفين، وأن هناك آخرين ينتظرون قدوم الموظف، الذي يقوم بتوصيل الفِيَّز لجوازات القدوم. بعد انتظار طال ربع ساعة، وبسبب وصول الطائرة التي تقل ضيفي، اتجهت الى بوابة خروج القادمين وتوسلت، «تقريباً»، لأحد العسكريين لكي يوصل الفيزا للداخل.
عدت إلى حاجز تسلّم الفيزا، فلم أجد أحداً غير عدد أكبر من منتظري الموظف الهمام. طلبت من أصحاب الفيِّز اللحاق بي، واتجهت بهم إلى البوابة نفسها، وخلقت ضجة، فخرج ضابط، وشرحت له الوضع وما تتعرض له سمعة البلد من تخريب بسبب إهمال موظف غير محترم، فتفهم موقفي وجمع الفيِّز من الجميع وأدخلها الى الجوازات. تركت المطار بعد قدوم من أتيت لاستقباله، من دون أن أعرف مصير من أتى بعدي للغرض نفسه.
في صباح اليوم التالي قمت بالاتصال باللواء العوضي، وشرحت له المشكلة، فلم يصدق ما ذكرت، ودعاني إلى زيارته لكشف المقصر، والاطلاع على ما يقوم به من عمل كبير في سبيل تحسين وتطوير عمل مرفق، طالما ناله الكثير من الإهمال، الذي كان سبباً لاختراقات شهيرة. بينت له المشكلة، وقام بوضع حل جذري لها، وقام بمصاحبتي، كمسؤول عن كل منافذ البلاد البرية والبحرية والجوية، لمركز تدريب الكوادر، التي ستتولى مسؤولية أمن المنافذ بأعلى مستوى من الكفاءة في مجال أمن المطارات، متسلحة بأحدث التقنيات لأداء المهام المنوطة بها على أكمل وجه، ورفع كفاءة أعمال التدقيق والتفتيش، بحيث يتم توفير أقصى درجات الأمان للطائرات والمسافرين.
ما أطلعني عليه كان فعلاً جيداً، ويستحق الإشادة، وكنت أنوي الكتابة عن الموضوع، لكني نسيت الأمر لسبب ما، وتذكرته بالأمس فقط، مع انتشار فيديو قيام شباب بالاعتداء على سيارة شرطة، وضرب من فيها، ومن ترجل منهم، وتساءلت بيني وبين نفسي عما سيكون عليه موقفي لو كان هؤلاء رجالي، وشكي في أنهم سينالون العقاب على جريمتهم، خاصة مع تكرار حوادث الاعتداء تلك، فهل سأبقى على صمتي، وأنا أسمع شكاواهم، وعجز «كل مؤسسات الدولة» في «دولة المؤسسات» عن عقاب من اعتدى عليهم؟! كيف يمكن أن يصبر ضابط كبير، مسؤول عن آلاف الضباط والعسكريين، وهو يرى من يعتدون على رجاله علناً يفلتون من العقاب المرة تلو الأخرى؟! كيف يمكن أن تحدث كل هذه الجرائم، ولا نسمع على مدى السنوات العشرين الماضية، تقريباً عن حكم واحد رادع في حق هؤلاء المعتدين؟! ولماذا أصبحنا نعيش في «دولة الواسطات»؟!
إن الحكومة مطالبة بقوة بإعادة الهيبة إلى رجل الأمن، وفرض احترام القوانين على الجميع، من دون استثناء، فبغير ذلك سينتشر وباء عدم الاحترام، وتنهار قيم المجتمع بأكملها..!
أحمد الصراف