يا وزير الصحة.. أين أنت؟
كاتبي العزيز، أنا وافدة، وواحدة من أصل أكثر من ثلاثة ملايين وافد يعيشون على هذه الأرض الطيبة، ننتج كما ينتج مواطنوها، ولنا نفس حقوقهم، بخلاف السياسية منها، وعلينا ما عليهم من واجبات.
أكتب إليك لأنني أشعر بحياديتك في أمور كثيرة، ولأخبرك عن صدمتي التي أصبحت تتزايد مع تقدمي في السن، ولشعوري بأنك لا ترضى عن الخطأ ولا عن التسيب، ولهذا قررت، ولأول مرة، أن أكتب رسالة لصحافي.
تجربتي مع العلاج في مستشفى مبارك تجربة مريرة أطارت النوم من عيني ليلة كاملة وأنا أتألم من الغيض ومن آلام المرض، فكان لا بد ان اكتب لأنفّس عما يغلي بداخلي، بعد أن ارتفع ضغطي لدرجة خطيرة، ولكي تبادر أنت وتكتب وتنبه كبار مسؤولي الصحة عن هذه المشكلة.
أعاني كالكثيرين غيري من مشاكل صحية، وفي يوم اصبت لم ينفع معها أي مسكن أو وصفة شعبية فقررت زيارة الطبيب. ولأن أسعار مستشفيات القطاع الخاص مرتفعة وفوق طاقتي، فقد اعتقدت بأن العلاج المجاني المتوافر في القطاع الحكومي سيكون أفضل.
لم استفد شيئا من مراجعة المستوصف، وبالتالي تم تحويلي إلى المستشفى، وكان «مبارك» الأقرب لنا.
كانت الساعة تشير إلى الثامنة مساء عندما دخلت صالة الطوارئ طلبا للعلاج، وكانت الصالة مكتظة عن آخرها، ولا يوجد كرسي خال. كان علي دفع رسم فاكتشفت أن آلة الصرف لا تعمل، وكان علي، على الرغم من آلامي، الذهاب مشيا إلى البنك القريب لأسحب المبلغ المطلوب. عدت وأخذت رقم المراجعة، بعد دفع الرسم البسيط نسبيا، وبعد انهاء الإجراءات الروتينية، وتكملة فحوصات الضغط والحرارة، تبين أن رقمي هو 560 واللوحة المضيئة تشير إلى 516، وعلى الرغم من وجود 44 مراجعا قبلي فإنني اعتقدت بأن دوري سيأتي قريبا، ولكني كنت واهمة، وآلامي كانت حقيقية وفي ازدياد.
انتظرت لأكثر من ساعتين، ثم شعرت باليأس، وغادرت عند الساعة 10:30 مساء، ولا يزال هناك عشرون مراجعا قبلي، من دون أن أحصل على العلاج الذي كنت أتوقعه، وفقدت الرسم الذي سبق أن دفعته، وأنا بحاجة إليه أكثر من المستشفى.
في الطريق إلى البيت والآلام تنهشني تساءلت: ماذا يعني العلاج إن لم يأت في وقته؟ لماذا تستوفي الدولة مني رسما عاليا للتأمين الصحي ولا توفره لي بصورة لائقة؟ إنها ملزمة إنسانيا وقانونيا بتوفيره، فهؤلاء الملايين الثلاثة يدفعون للدولة مبالغ كبيرة، ولا شك ان ما يقدم من علاج مقابلها يكلف أقل بكثير، فكيف إن لم يأت هذا العلاج ابدا؟
وختمت الوافدة كلامها بالقول إن الكويت بلد خير ووضعها المالي أفضل من غيرها فلماذا كل هذا القصور في صالات الطوارئ في المستشفيات، وخاصة في الفترة المسائية، علما بأن هناك مئات الأطباء المخلصين والمهرة، ولكن ضغط العمل وشكاوى المراجعين جعلتهم يعملون من دون إنسانية ولا عواطف، بل كآلات بلا حماس ولا عاطفة. انتهى.
شخصيا، لدي تغطية تأمينية مع شركة أجنبية. كما أنني مغطى بنظام «عافية»، وبإمكاني الاستغناء عن النظامين وتوفير العلاج الخاص لنفسي في أي مكان، ولكن سوء الحظ قادني في ليلة كالحة لطوارئ مستشفى مبارك، ولا يمكن وصف ما وجدته شخصيا وعشرات المرضى المراجعين هناك من معاناة تخللتها صيحات احتجاج وشكوى. ولو كان لدى بعض المرضى وسيلة احتجاج غير اللفظ لما ترددوا في استخدامها ضد الطاقم الطبي والتمريضي.
أتمنى حقيقة لو يقوم يوما وزير الصحة أو وكيل الوزارة بزيارة مفاجئة لأقسام الطوارئ ليروا بأعينهم حجم المعاناة التي يلقاها المواطن والمقيم في مثل هذه الأقسام التي تحتاج بالفعل إلى هزة طبية وإدارية كبيرة.
أحمد الصراف
أكتب إليك لأنني أشعر بحياديتك في أمور كثيرة، ولأخبرك عن صدمتي التي أصبحت تتزايد مع تقدمي في السن، ولشعوري بأنك لا ترضى عن الخطأ ولا عن التسيب، ولهذا قررت، ولأول مرة، أن أكتب رسالة لصحافي.
تجربتي مع العلاج في مستشفى مبارك تجربة مريرة أطارت النوم من عيني ليلة كاملة وأنا أتألم من الغيض ومن آلام المرض، فكان لا بد ان اكتب لأنفّس عما يغلي بداخلي، بعد أن ارتفع ضغطي لدرجة خطيرة، ولكي تبادر أنت وتكتب وتنبه كبار مسؤولي الصحة عن هذه المشكلة.
أعاني كالكثيرين غيري من مشاكل صحية، وفي يوم اصبت لم ينفع معها أي مسكن أو وصفة شعبية فقررت زيارة الطبيب. ولأن أسعار مستشفيات القطاع الخاص مرتفعة وفوق طاقتي، فقد اعتقدت بأن العلاج المجاني المتوافر في القطاع الحكومي سيكون أفضل.
لم استفد شيئا من مراجعة المستوصف، وبالتالي تم تحويلي إلى المستشفى، وكان «مبارك» الأقرب لنا.
كانت الساعة تشير إلى الثامنة مساء عندما دخلت صالة الطوارئ طلبا للعلاج، وكانت الصالة مكتظة عن آخرها، ولا يوجد كرسي خال. كان علي دفع رسم فاكتشفت أن آلة الصرف لا تعمل، وكان علي، على الرغم من آلامي، الذهاب مشيا إلى البنك القريب لأسحب المبلغ المطلوب. عدت وأخذت رقم المراجعة، بعد دفع الرسم البسيط نسبيا، وبعد انهاء الإجراءات الروتينية، وتكملة فحوصات الضغط والحرارة، تبين أن رقمي هو 560 واللوحة المضيئة تشير إلى 516، وعلى الرغم من وجود 44 مراجعا قبلي فإنني اعتقدت بأن دوري سيأتي قريبا، ولكني كنت واهمة، وآلامي كانت حقيقية وفي ازدياد.
انتظرت لأكثر من ساعتين، ثم شعرت باليأس، وغادرت عند الساعة 10:30 مساء، ولا يزال هناك عشرون مراجعا قبلي، من دون أن أحصل على العلاج الذي كنت أتوقعه، وفقدت الرسم الذي سبق أن دفعته، وأنا بحاجة إليه أكثر من المستشفى.
في الطريق إلى البيت والآلام تنهشني تساءلت: ماذا يعني العلاج إن لم يأت في وقته؟ لماذا تستوفي الدولة مني رسما عاليا للتأمين الصحي ولا توفره لي بصورة لائقة؟ إنها ملزمة إنسانيا وقانونيا بتوفيره، فهؤلاء الملايين الثلاثة يدفعون للدولة مبالغ كبيرة، ولا شك ان ما يقدم من علاج مقابلها يكلف أقل بكثير، فكيف إن لم يأت هذا العلاج ابدا؟
وختمت الوافدة كلامها بالقول إن الكويت بلد خير ووضعها المالي أفضل من غيرها فلماذا كل هذا القصور في صالات الطوارئ في المستشفيات، وخاصة في الفترة المسائية، علما بأن هناك مئات الأطباء المخلصين والمهرة، ولكن ضغط العمل وشكاوى المراجعين جعلتهم يعملون من دون إنسانية ولا عواطف، بل كآلات بلا حماس ولا عاطفة. انتهى.
شخصيا، لدي تغطية تأمينية مع شركة أجنبية. كما أنني مغطى بنظام «عافية»، وبإمكاني الاستغناء عن النظامين وتوفير العلاج الخاص لنفسي في أي مكان، ولكن سوء الحظ قادني في ليلة كالحة لطوارئ مستشفى مبارك، ولا يمكن وصف ما وجدته شخصيا وعشرات المرضى المراجعين هناك من معاناة تخللتها صيحات احتجاج وشكوى. ولو كان لدى بعض المرضى وسيلة احتجاج غير اللفظ لما ترددوا في استخدامها ضد الطاقم الطبي والتمريضي.
أتمنى حقيقة لو يقوم يوما وزير الصحة أو وكيل الوزارة بزيارة مفاجئة لأقسام الطوارئ ليروا بأعينهم حجم المعاناة التي يلقاها المواطن والمقيم في مثل هذه الأقسام التي تحتاج بالفعل إلى هزة طبية وإدارية كبيرة.
أحمد الصراف