عندما يغيب المنطق
تأسس الاتحاد الوطني لطلبة الكويت قبل أكثر من نصف قرن، وبقي لفترة طويلة جداً دون إشهار أو غطاء قانوني، وربما لا يزال غير مشهر، ومع هذا حظي طوال تاريخه برعاية حكومية مميزة وصلت كثيراً لمشاركة رئيس الوزراء أو من يمثله في افتتاح مؤتمراته السنوية. وكان الاتحاد ولا يزال يحصل على دعم مالي قوي من الدولة، وله مبنى مميز داخل الجامعة في الخالدية، وربما يعود السبب وراء كل هذا الحنان والاهتمام الحكومي بهذا الاتحاد سيطرة جماعة الإخوان المسلمين تاريخياً على مقدراته.
أصدر هذا الاتحاد البائس إعلاناً قبل أيام ندد فيه بقرار وزير التربية والتعليم العالي حامد العازمي المتعلق بضرورة اجتياز الطلبة الراغبين في الدراسة في الخارج على درجة محددة في اختبارات اللغة، قبل ابتعاثهم للخارج. وطالب الاتحاد الوزير بالتخلي عن قراره، وقام بتهديده بالاستجواب، ولأجل ذلك قام الاتحاد بحشد النواب وليد الطبطبائي، وناصر الدوسري، ونايف المرداس، وأسامة الشاهين، وعبدالكريم الكندري، وجمال الحربش، وماجد المطيري، ورياض العدساني، ومبارك الحجرف، وحمود الخضير، وشعيب المويزري، وعبدالله العنزي، ومحمد الحويلة، والحميدي السبيعي، وعادل الدمخي، وعلي الدقباسي، ومحمد هايف، ليهددوا وزير التربية بالويل والثبور إن لم يتراجع عن قراره.
تعمدت إيراد أسماء هؤلاء النواب، وغالبيتهم من المنتمين للأحزاب الدينية، ليعرف القارئ نوعية مواقفهم ومقدار اهتمامهم بالمصلحة العامة ورغبة أغلبهم بالبقاء أو العودة للكرسي الأخضر. فكيف يقبل الاستمرار في سياسة الابتعاث السابقة، التي كانت ترسل الطالب خريج الثانوية العامة للدراسة في أميركا أو إنكلترا، وكل المؤشرات والتقارير أكدت عدم كفاءة هذا الأسلوب، وكيف أن هناك أكثر من 8000 طالب تأثروا سلباً، ولم يستطيعوا تكملة دراستهم لأن الدولة أرسلتهم لتلقي التعليم في الخارج من دون تحضير نفسي أو لغوي كافٍ.
إن ما يحصل كارثة في حق التعليم وفي حق مستقبل هؤلاء الطلبة، وقبل ذلك في حق الكويت، وكم أحزنني ما صرح به أحد هؤلاء الموقعين على بيان اتحاد الطلبة من أن إعادة إخضاع الطلبة لاختبار القدرات اللغوية هو مؤامرة من الحكومة على أبناء القبائل! كيف يمكن أن يصرح بمثل هذا التصريح وكأن حكومة الكويت مستوردة من آيسلندا!
حكم المحكمة المؤيد لموقف الوزير من اختبارات اللغة أمر يشرفنا جميعاً، ونحن مع السيد الوزير قلباً وقالباً، ونشكر رئيس الحكومة لوقوفه على الحياد من هذا الموضوع الخطير بالفعل.
أحمد الصراف