محمد مساعد الصالح وأنور دشتي
اشتد النقاش بين نواب مجلس الأمة في احدى الجلسات في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حول نوعية العقوبات التي يجب فرضها في حال مخالفة بنود قانون كان موضوع نقاش. كانت الأغلبية تميل إلى تشديد العقوبات، وفرض أو إعادة فرض العقاب الجسدي على المدانين، أي ضربهم.
وفي اليوم التالي، قام الزميل الراحل محمد مساعد الصالح ومن منطلق خبرته كمحام وإنسان مهموم بمشاكل وطنه وقضاياه، بانتقاد مواقف النواب الذين طالبوا بفرض الضرب على المساجين، وقال إنه يعتقد أن منطلقات هؤلاء تعود بدرجة ما لاعتقادهم أن «الأجنبي، أو الأينبي» هو الذي يرتكب الجرائم عادة، وقوانين الضرب والشنق مخصصة لهم. أما هم وابناؤهم، والكويتيون عموما، فإن هذه القوانين لن تطولهم لأن حصتهم من القضايا الجنائية لا تذكر. وأضاف أنه يتفق بأن أغلبية المدانين باقتراف الجرائم هم غالبا من غير الكويتيين، ولكن سيأتي وقت سنرى فيه العكس، بحيث تصبح أغلبية مقترفي الجرائم كويتيين، وإن على المشرعين بالتالي مراعاة الرأفة والعدالة في ما يفرضون من قوانين عقوبات، فعاجلا أو آجلا سيطولهم هذا النوع من العقوبات وأبناءهم!
بالأمس القريب، أقر مجلس الأمة قانون المرئي والمسموع، السيئ الذكر. وأعتقد أن كل من صوّت بالموافقة عليه كان يعتقد أنه سيطبق فقط على الغير وابنائهم. أما هم وأبناؤهم، فسيكونون بمأمن من بنود هذا القانون.
ولكن لم يمر وقت طويل حتى اكتشفنا أن الكثير من المواطنين دفعوا ثمنا غاليا نتيجة هذا القانون، واضطر بعضهم إلى ترك الكويت والعيش «لاجئا» في الخارج بانتظار معجزة ما أو عفو عام.
كما رأينا نتيجة قيام الناشط أنور دشتي بإرسال تغريدة لم تعجب البعض، واعتذر عن إرسالها لاحقا، إلا ان هؤلاء قاموا بمقاضاته، فحكمت المحكمة عليه، من خلال نصوص قانون المرئي والمسموع، بالسجن ستة اشهر على تغريدة بائسة.
أما حكم محكمة التمييز الذي صدر أخيرا في قضية «اقتحام المجلس»، ونتج عنه الحكم بسجن عدد من المشرعين الحاليين والسابقين، فهو مثال آخر على عدم إدراكنا، عند سن القوانين، لما تعنيه العقوبات، وكيف أن من يشرعها يعتقد جازما أنه محمي منها، ولكنه يكتشف تاليا أنه أدين بالقوانين التي كان سببا وراء إقرارها، أو على الأقل سكت، ولم يتدخل، كمشرع لتعديلها.
أحمد الصراف