يا وزارة الخارجية.. أين أنتِ؟
وردت على لسان المؤرخ والكاتب العراقي والبعثي السابق، حسن العلوي، في مقابلة تلفزيونية، معلومات لم يسبق لأي سياسي كويتي أن تطرق اليها، على الرغم من أهميتها، خصوصا لتعلقها بموضوع وضع الكويت القوي والمستقل عن العراق طوال الـ«مئة سنة» الماضية، على الأقل.
يقول العلوي إن العراق تقدم في منتصف ثلاثينات القرن الماضي بطلب للانضمام الى عضوية «عصبة الأمم»، كأول بلد عربي ينال استقلاله، إلا أن طلبه رفض لعدم استيفائه شرط قيام الدولة الراغبة في نيل العضوية، بالانتهاء من تحديد حدوده مع جميع جيرانه.
وحيث إن حدود العراق كانت مثبتة مع الجميع إلا الكويت، فكان من الضروري الانتهاء من هذا الأمر قبل النظر في طلب عضوية العراق في العصبة. ويضيف العلوي بأن رئيس وزراء العراق حينها، نوري السعيد، قام بالكتابة إلى المقيم البريطاني في الكويت، عندما كانت الكويت مشيخة تربطها اتفاقية حماية مع بريطانيا، يطلب فيها منه تحديد الحدود مع الكويت، لكي يتمكن العراق من تكملة أوراق استقلاله وانضمامه الى عصبة الأمم.
وافقت بريطانيا والكويت على الطلب فقام المقيم البريطاني في العراق همفري، بالسفر إلى الكويت، أو لمنطقة الحدود معها، يرافقه نوري السعيد، وبحضور الشيخ أحمد الجابر الصباح، حاكم الكويت حينها، والمقيم السياسي البريطاني، وقام الجميع بالاتفاق على الحدود بين البلدين وتثبيتها، وكان ذلك في منتصف عام 1932. وقام العراق بعدها بإرسال نسخة من اتفاقية التحديد الى عصبة الأمم، وعلى ضوئها أعلن استقلال العراق في 3 أكتوبر 1932.
وختم العلوي حديثه بالقول إن على الجميع الاعتراف بهذه الحقيقة التاريخية، وكيف أن موافقة الكويت (بصورة مباشرة أو غير مباشرة) على حدودها مع العراق هي التي مهدت وأعطت العراق استقلاله واعتراف عصبة الأمم به. انتهى.
لا شك أن في الأمر خلطا هنا، فربما اقتصر دور الكويت في قبول انضمام العراق الى عصبة الأمم، وليس في استقلاله، والفرق كبير بين الأمرين، إلا أنه دور لا يستهان به في كل الأحوال.
وبالتالي على وزارة الخارجية الكويتية، وعلى الباحثين في التاريخ، الغوص في الأرشيف البريطاني، بحثا عن وثائق هذه القضية وتسليط الضوء عليها، وإبراز دور نوري السعيد، واتصاله بالمقيم السياسي أو بالشيخ أحمد الجابر الصباح، مباشرة والطلب منهما رسم الحدود بين البلدين، وموافقة الكويت على ذلك. فوجود مثل هذه الوثائق والمراسلات وتسليط الضوء عليها سيسكت الكثير من أصحاب القلوب المريضة والنفوس السقيمة التي لا تزال تعاني من مرض التكبر والجهل.
أحمد الصراف