حزن الثعالب
هذا تحد، وأتمنى أن يقبله أحد الإخوان ويخبرنا عن فائدة واحدة جنتها المجتمعات الإسلامية، على مدى 90 عاماً، من وجود حزب الإخوان المسلمين بيننا! ولن يقبل الرد بأنهم ساهموا في تعزيز مكانة الإسلام ورفع شأنه وترسيخ قواعده، وحمايته، علماً بأنه كان قبلهم بألف وأربعمئة عام ولم يختفِ. كما أنه لا دليل ملموساً وواحداً ومتفقاً عليه على صحة ادعاءاتهم، فكل التجمعات الدينية الأخرى، خصوصاً المناوئة للإخوان، تدعي أن هدفها الشيء ذاته. كما أن اختفاءهم عن المشهد السياسي والاجتماعي في أي دولة لن ينتج عنه أثر سلبي، فكل ما يمثله الإخوان لا يزيد على مجموعة من المشاريع المالية والصناعية والتجارية المختلفة الأحجام المنتشرة في أرجاء العالم والمسجلة بأسماء شخصيات تنتمي للحركة، وليس هناك ما يمنعهم من الاستيلاء عليها لأنفسهم، كما فعلوا في حالات سابقة، إضافة إلى أرصدة نقدية تمول أنشطتهم، وكيان سياسي وآلة انتخابية نشطة، ولا شي غير ذلك. وقد شاهدنا كيف تم حظر أنشطتهم، وتالياً طردهم من عدة دول، ومع هذا لم تقع أي كوارث نتيجة ذلك، فلا جامعات عريقة يديرها الإخوان لكي تتأثر بغيابهم، ولا مختبرات علمية أو مراكز دراسات ستغلق إن رحلوا، ولم يجع أحد نتيجة غيابهم، ولن تنهار الحكومات إن قرروا الانسحاب وحل تنظيمهم، بل سيعم السلم والأمن في مناطق كثيرة إن هم قرروا الرحيل. وبالتالي لا داعي لتباكي الثعالب على موضوع من سيملأ الفراغ إن رحل الإخوان!
مقابل ذلك، نجد أن مشروع الإخوان منذ يومهم الأول هو مشروع شخصي في جانب منه، ولا ينتمي للوطن، بل هم يعتقدون أنهم أكبر من الوطن، وعلى الوطن أن يخضع لهم، سواء بالسلم أو بالاغتيال. ولكن على الرغم من سعيهم الحثيث للاستيلاء على الحكم في أي دولة كانت، فإنهم فشلوا طوال قرن تقريباً في إصدار منافيست أو مشروع أفكار عن نظام الحكم الذي سيقومون بتطبيقه، سوى القول إنهم «سيطبقون شرع الله»! وقد رأينا كيف تخبطوا في حكم مصر أيام مرسي، وكيف كانت القاعدة الوحيدة المتبعة هي «التجربة والخطأ» في ظل غياب تام لأي مشروع معروف لحزب يعود تاريخه إلى تسعين عاماً، ولو كانوا بالفعل أصحاب مشروع واضح، لما قاموا بتعيين شخصية مرتبكة وضعيفة ليكون أول رئيس لمصر تحت حكم الإخوان، ويدار بالريموت!
ومن الأدلة على خواء تنظيمهم تركيزهم الشديد على كسب الأغلبية غير المتعلمة، والصرف عليها ليس حباً فيها، بل في أصواتها الانتخابية، وهي الفئة التي سيتم تناسيها بعد ذلك مع غياب الانتخابات، انطلاقاً من قاعدتهم الحزبية التي سبق أن روج لها يوماً محمد متولي الشعراوي: «من ليس معنا فهو عدو الله»، ولو كان فكر الإخوان واضحاً لما رأينا خروج أصحاب عقليات نظيفة من تنظيمهم، ونفور المثقفين منهم وفشلهم في أن يكونوا على مسافة واحدة من مختلف فئات الشعب؟ ولو كانوا بالفعل يمثلون فكراً مستنيراً محباً للحرية والكرامة، لما طالبوا أتباعهم بالطاعة العمياء للمرشد الأعلى! وبالتالي، فإن الإخوان ليسوا أكثر من جماعة سياسية تهدف إلى الوصول للحكم بأي طريقة، وتتخذ من الدين غطاء لتحقيق هذا الغرض.
وبالتالي، ليرحل الإخوان عنا. أما من سيملأ الفراغ من بعدهم، فهذا ليس شأنهم، فالفراغ سيمتلئ حتماً بمن هم خير منهم.
أحمد الصراف