عادل الكبير.. كاشف كذب الصغير
في 1990/8/2، احتلت قوات صدام حسين الكويت، ولم تخرج منها مدحورة إلا بعد سبعة أشهر مظلمة. أثناء هذه الفترة، وقفت أغلبية دول العالم مع الكويت، ووقفت الدكتاتوريات وأنظمة عربية محددة مع صدام؛ كاليمن والأردن وليبيا والسودان وموريتانيا والجزائر وفلسطين وتونس، وتركيا أربكان. وكان لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي موقف مخجل، حيث طلب المرشد من كل أتباعه الوقوف مع المطالب العراقية، وكانت المفاجأة، الموقف المتردد لحزب الإخوان في الكويت، ومشاركة بعض ممثليهم في مؤتمرات عقدت في بغداد وفي لاهور، وتم توثيق موقفهم بحق الكويت إبّان الاحتلال بالصوت والصورة، كما أن تصريحاتهم وبياناتهم ما زالت تشهد عليهم، ولكنهم يراهنون على أن الجيل الحالي لم يعاصر تلك الحقبة، وسينسى العالم موقفهم المتخاذل. ومن تلك الوثائق مقابلة وفد من «إخوان» الكويت لسفيرنا في واشنطن حينها الشيخ سعود الناصر، وكيف أنهم قدّموا أنفسهم بصفتهم ممثلين لتنظيم الإخوان الدولي، وأعلموه بمعارضتهم الاستعانة بقوات غربية لتحرير الكويت، وطلبوا منه 50 مليون دولار لتحضير وإعداد «الجيوش الإسلامية» التي ستقوم بمهمة التحرير. وقد فضحهم الشيخ سعود في أكثر من لقاء تلفزيوني ومقابلة صحافية.
كما شهد على مواقفهم المتخاذلة كبار السياسيين، واعترف بعض كبار «الإخوان» بخطئهم. كما ورد على لسان حامل مفاتيح خزائن «الإخوان» يوسف ندا في برنامج «شاهد على العصر» على «الجزيرة» في 2002/1/9 شيء عن مخططاتهم المتعلّقة بتكفير الاستعانة بقوات أجنبية لتحرير الكويت، وتكليف «الجيوش الإسلامية» بمهمة دخول الكويت، بالاتفاق مع صدام نفسه، لتنسحب بعدها القوات العراقية، وتجرى انتخابات في الكويت بعدها «انتخابات حرة»، تحت إشراف «القوات الإخوانية»، لاختيار نظام الحكم! وكانت مثل هذه المواقف المخزية وغيرها سبباً، بعد تحرير الكويت، لإعلان إخوان الكويت عن قطع علاقتهم، ربما تكتيكياً، مع التنظيم العالمي، وتشكيل كيان سياسي جديد تحت مسمى «الحركة الدستورية»، وبالتالي استمر قادة الإخوان، خصوصاً صغارهم، في تكرار استقلالية قرارهم عن تنظيم الإخوان العالمي، ولكن ما كان يكشف عدم صحة ذلك إصرار بعض أقلامهم على التصدّي السافر للرد على أي بادرة تتضمن، ولو شبه إساءة إلى الإخوان، والإصرار في الوقت نفسه على أن لا علاقة لحركتهم الدستورية بالتنظيم العالمي.
ثم جاء حديث الوزير السابق الأخ الفاضل عادل الصبيح، في قناة المجلس مع المقدم عمار تقي، قبل أيام، ليكشف الغطاء عن كل مغالطات الإخوان وجنرالهم، حيث ذكر في رده على سؤال أنه عرضت عليه بعد التحرير مبادئ تنظيم جديد مزمع تأسيسه، وأنه اقتنع بها وبفكرة التنظيم على أساس أن يكون عبارة عن مظلة كبيرة تشمل كل أطياف المحافظين في البلد، كحركة سياسية وطنية. وقال إن الفكرة عرضت كذلك على شخصيات سياسية منتقاة، وأن هؤلاء تحمّسوا لها، ولكن الاستجابة للمشاركة لم تكن بالحماسة نفسها للفكرة.
ويختم السيد الصبيح وحسب ما جاء بحديثه في اللقاء التلفزيوني بالقول إنه تغيّب عن البلاد لظروف تتعلّق بعمله، وعندما عاد تبيّن له أن قيادات في تنظيم الحركة الدستورية الجديدة قررت أن يكون التنظيم عبارة عن «الجناح السياسي للإخوان المسلمين في الكويت»! وأن هذا خالف الأساس الذي سبق أن تم الاتفاق عليه، فالحركة بذلك أصبحت لا تمثّل حركة «وطنية»، بل مظلة للإخوان فقط، وبالتالي قرر الانسحاب منها!
ما ذكره السيد عادل الصبيح، الذي يحظى باحترام الكثيرين، ينسف أطنان التصريحات والتوليفات والخطب والمقالات التي قيلت ودبّجت في إنكار وجود أي ارتباط لإخوان الكويت بالتنظيم العالمي. وعليهم بعد تصريح السيد الصبيح الكشف عن وجوههم، والتوقّف عن ممارسة التقية، والاعتذار لكل من صدّق أكاذيبهم.
أحمد الصراف