ثوابت مصطفى راشد المتحركة
يقول الأزهري مصطفى راشد إنه عاش طويلا في الأزهر، دارسا، متعلما ومعلما للعلوم الشرعية، وان بإمكانه القول إنه وغيره من الطلبة تربوا على أمور دينية كثيرة، واعتبروها من الثوابت، رغم أنها في الحقيقة غير صحيحة، ومخالفة للشرع، ولا يوجد لها سند صحيح من القرآن الكريم أو الأحاديث، وإنما استند الفقهاء الأوائل فيها على أحاديث غير صحيحة ومزورة، أو تفسير خاطئ للآيات لجهلهم، بأسباب نزولها أو مقاصد الشرع هذا لو كان ما ورد عنهم صحيحاً، وللأسف تبعهم غالبية المشايخ من دون تفكير، واحتجوا على من يخالفهم الرأي بكتب يعتبرونها مقدسة، رغم عدم وجودها أو وجود مخطوطات لها أو حتى نسخ من أصولها، التي لو كانت موجودة فقد تلفت، ورغم أن التاريخ لم يذكر وجود المخطوطات أو تلفها في أي زمن من الأزمنة كصحيح البخاري ومسلم وسنن النسائي وأبى داود والترمذي وابن ماجة، وفي الفقه أمثال أبو حنيفة والشافعي وابن حنبل ومالك، ورغم ذلك ما زال الكل يعتقد أن الإسلام به حد للردة، أو أنه يوجد «حجاب» أو نقاب في الإسلام، أو أنه يوجد عذاب القبر أو الرجم. ومن الأمور الخاطئة التي تربينا عليها أن المرأة المسلمة لا تستطيع الزواج من أهل الكتاب، وان شهادة الرجل تساوي شهادة سيدتين في كل الأمور رغم أنها في الأمور التجارية فقط. ايضا علمونا خطأ ومن دون سند ان الطلاق من دون شهود وإثبات يقع، وأن اليهود والمسيحيين كفار من دون أي سند صحيح، كما علمونا أنه لا تجوز ولاية المرأة على الرجال، ولا تجوز ولاية غير المسلم على المسلم، حتى لو كان الأول أكثر كفاءة، وايضا علمونا أن الزواج يصح قبل سن الثامنة عشرة، ايضا علمونا بلا سند أو دليل أنه لا يجوز قتل مسلم قتل إنسانا غير مسلم، وعلمونا أن هناك فرضاً اسمه الجهاد بالسلاح، أي الهجوم وليس الدفاع فقط، كما علمونا أن الاحتفال بعيد الحب أو عيد رأس السنة أو تهنئة غير المسلمين بأعيادهم حرام، لكن من دون سند شرعي صحيح، وأيضا علمونا أن التماثيل حرام، وعلمونا أن تعدد الزوجات مباح في الإسلام. ايضا قدموا الحج على الزكاة على خلاف الحقيقة، وأمور كثيرة يطول الشرح فيها، التي يخلف اتباعها الإرهاب الذي يعيشه العالم، ولم تتحدث عمدا عن أن السعي الى العلم وإتقان العمل عبادة، وأن حب كل الناس عبادة، وأن العيش يكون بسلام، وأن العدل ورفع الظلم عبادة، وأن المساواة بين البشر عبادة، وأن الإنسان بلا ضمير لن يرى الجنة، ولو أقام كل الفروض الدينية كاملة، أقول هذا لعل غضب الله علينا يتحول إلى رضا مثل بلاد الكفار، التي فعلت ذلك، لذا أتمنى أن نتعلم الشرع السمح الصحيح، أو تسألوا بلاد الكفار كيف عرفوا الإيمان، مع أن المفروض نحن أهله. (انتهى الاقتباس).
كلام يبدو للوهلة الأولى أنه معقول، ولكن – ان ثبتت صحته – كيف توصل الشيخ مصطفى الى الحديث الصحيح وتفريقه عن غيره، ألم يستخدم منطقه العقلي وأدوات قياس محددة؟ وهذا بالضبط ما فعله مخالفوه، فمن منهم على حق إذا، خاصة إذا علمنا بعدم وجود أي أصول أو مخطوطات أصلية تدعم وجهة نظر أي طرف، ولم يرد في التاريخ أنها تلفت في أي زمن من الأزمنة!
وفي غياب النص الأصلي يصبح سلاح إلغاء هذا الحديث أو تلك السنة مرتد على من استخدمه، في غياب المخطوطات الأصلية. وهنا نجد أن ليس أمامنا غير الإيمان والاعتراف بصحة كل ما هو موجود، وأن يترك لكل مسلم اختيار ما يراه مناسبا ويتفق مع طبيعته، شريطة أن نفصل الدين عن الدولة، فالدين لله والوطن للجميع، وحان الوقت لأن نترك هذه الاختلافات الصغيرة خلفنا ونبدأ بالتفرغ للبناء، فقد وصل تخلفنا الى درجات لا يمكن، بعد قليل، العودة عنها!
قد يقول البعض إنني أدعو الى العلمانية، وأنهم سيستميتون لوقف تطبيقها، ولكني أرى جلياً أنهم يستميتون بنفس القدر للرحيل والعيش في دولها.
أحمد الصراف