لا استثناء.. ربما!

لا يبدو في الأفق أن هناك نهاية لفضائح رجال الدين، ولأي ملة انتموا، فهم أولا واخيرا بشر مثلنا ولا تستحق غالبيتهم ما يسبغه بعض السذج عليهم من احترام وإصرار على تقبيل أياديهم والتبرك بلمسهم. كما نرى كم يستمتع بعض رجال الدين في إذلال أتباعهم وتركهم يتدافعون للتبرك بهم، وهم، كما سبق ان ذكرنا، لهم أهواؤهم ونقاط ضعفهم، ويجوعون ويمرضون مثلنا، وبالتالي لم أستغرب مثلا ما حدث في أحد الأديرة في مصر من قيام راهب، وهو الذي اختار طائعا أن يترك الدنيا ويتنسك في الدير واهبا نفسه لعقيدته، بقتل الراهب الأكبر بسبب خلافات بينهما على أمور عقائدية ومالية تتعلق بكيفية توزيع التبرعات التي يتلقاها الدير من المؤمنين.
كما لم يمر علي عام، منذ نصف قرن على الأقل، من دون ان أسمع أو أقرأ شخصيا عن تورط رجال دين كاثوليك في قضايا تحرش أو اعتداء جنسي على صبية او حتى بالغين، وقيام مسؤولي كنائسهم بالتغطية عليهم، وآخرها تعرض أكثر من ألف طفل وطفلة لانتهاكات جنسية من قبل أعضاء أبرشيات في استراليا، على مدى السنوات السبعين الماضية. وورد في الخبر أن شكاوى الكثير من هؤلاء جرى تجاهلها من قبل كبار لحماية المعتدين والمؤسسة الكنسية التي تدر عليهم الأموال. وفي قضية محددة كان بين المتسترين كبير اساقفة أستراليا الذي ادين مؤخرا، والذي سبق أن وصف الاعتداءات بأنها مجرد «سلوك غير لائق».
كما أدان تقرير آخر رئيس أساقفة واشنطن، الكاردينال دونالد وورل، الذي كان سابقا رئيس أبرشية بيتسبرغ، لدوره في التستر على الانتهاكات. وورد في التقرير أن العديد من الضحايا تعرضوا للتخدير والخداع. وذكر البعض أنهم تعرضوا للضرب من قبل أفراد أسرهم الذين لم يصدقوا قصصهم.
وتقول تقارير في وسائل الإعلام الأميركية إن ولاية بنسلفانيا، التي يقطنها أكثر من ثلاثة ملايين كاثوليكي، لديها أكبر عدد من التحقيقات في قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال داخل الكنيسة في البلاد.
وخلال الشهر الماضي، استقال الكاردينال تيودور ماكاريك، رئيس أساقفة واشنطن السابق وهو زعيم رفيع المستوى، وسط مزاعم بأنه اعتدى جنسيا على أطفال وبالغين على مدى عقود.
وفي وقت سابق من هذا العام، اعتذر البابا فرنسيس للضحايا التشيليين عن «أخطاء خطيرة» ارتكبها في التعامل مع قضية اعتداء جنسي مزعوم على أطفال.
وفي الصين صدر اتهام بحق شيوه شينغ الراهب البوذي الأكبر ورئيس الجمعية البوذية الصينية بسوء السلوك الجنسي، واضطر على اثرها الى تقديم استقالته من رئاسة الجمعية البوذية الصينية.
ولو رجعنا الى أوضاعنا لوجدنا أننا لسنا أفضل من غيرنا، ففي العراق مثلا حدثت خلال السنوات الأخيرة ما يعتبر بكل المقاييس أكبر عمليات فساد في التاريخ، وكان المتهمون بها إما منتمين أو محسوبين على أحزاب دينية. كما لم يتردد دعاة ورجال دين بتزوير شهاداتهم الدراسية من أجل مكاسب دنيوية. ولا ننسى دور رجال الدين في نهب أموال الكثير من الدول سواء في لبنان أو إيران، وهي الاتهامات التي وردت على لسان الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد.
لا شك أن الكثيرين بحاجة الى الدين في حياتهم، ولكن مع تقدم وسائل التواصل وانتشار التعليم، فإن أهمية رجل الدين في تناقص، ويجب علينا بالتالي البحث عن مصادر أخرى لتنمية الخلق وتحسينه خارج نطاق المؤسسة الدينية وبعيدا عن رجال الدين الذين تكمن قوة غالبيتهم في دفع أتباعهم الى كراهية الآخر ونبذه، وكما يقول زميل كلّما اتَسعت المساحة التي يشغلها رجال الدين في الحياة العامة، وتمدد حضورهم في المنابر والإعلام، زادت الأمة انحطاطاً وتخلفاً.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top