رسالة أرمنية
وردتني هذه الرسالة العاطفية، في لهجتها ومضمونها، من الصديق القارئ كارو قيومجيان، وهو رجل أعمال أرمني معروف يعيش في الكويت منذ عدة عقود، وطلب نشرها في عمودي. قبلت، على الرغم من أن القبس لا تشجع مثل هذا النهج، وعلى الرغم من حاجتي للعمود، بعد ان تجاوز عدد المقالات التي تنتظر دورها للنشر الثلاثين.
***
هذه ليست المرة الاولى التي يذكر فيها الكاتب احمد الصراف الأرمن بالخير في مقالاته. فطوال فترة متابعتي لما يكتب، كنت أجده يأتي على ذكر الشعب الارمني بالخير، إن بشكل عابر أو عبر مقال يتسم بالايجابية، وخاصة من ناحية موقفه من قضية التهجير القسري، وما تعرضوا له، خاصة مع بداية الحرب العالمية الاولى على يد الامبراطورية العثمانية.
وأود هنا أن أشير لرواية الصراف الأخيرة «عبد اللطيف الارمني والتفاحات الثلاث»، التي صدرت مؤخراً، بعد أن منعت الرقابة في الكويت نشرها لأسباب خاصة، ثم أجازتها، بعد أن وجدت في شخصية بطلها «كالوست سيروج» الكثير من مأساتنا كشعب، وصراعه مع ظروف الحياة، وتجسيده لحقيقة هذا الشعب الطيب والقوي في الوقت نفسه.
يقدم المؤلف، بكل أمانة، وبارتباط نفسي واضح، كما جاء فى مقدمة روايته، قصة حياة وممات انسان ارمني مكافح عاش حياته في البلدان التي دفع هو وشعبه الأرمني قسرا للجوء لها منذ أن فقدوا وطنهم، وعرض لحياة كالوست ووالده وجده في إطار رواية شيقة مخلصة ومشرفة، وحزينة في نهايتها المأساوية في الكويت، حيث عاش كالوست فيها في أواخر سني حياته، وأحب أهلها، وفيها دفن في نهاية الأمر.
أعتقد شخصيا أن الكاتب نجح في روايته «عبداللطيف الأرمني» في شرح وتوصيف معاناة شعب بأكمله بصدق، على لسان فرد آمن بانتمائه لوطنه وعقيدته وشعبه، وعاش حياته يحتفظ بذكرياته المريرة عن مأساته ويسردها أينما حل، وقد نجح في وصف حياة بطل روايته على مدى 175 صفحة عنت لي شخصيا الكثير وتجاوبت مع ما بها من فرح وحزن ومعاناة وعذاب واذلال بعد كل التجارب المريرة التي عاشها والده وشعبه، وخاصة في جانب ما تعرض له مئات آلاف الأطفال والنساء والعجائز على مدى سنوات.
أتمنى على كل أرمني ومحب للحرية أن يقرأ رواية «عبد اللطيف الارمني، والتفاحات الثلاث» ليس لان بطلها يمثل أرمنيا جبارا أو بطلا مغوارا، خاض مغامرات مثيرة، وقطع رأس التنين بضربة واحدة بسيفه البتار، وعاد ظافرا على ظهر جواده «بنت النار»… الخ. بل سعدت لأن ذلك البطل «كالوست سيروج» برغم تواضعه وتواضع حياته وحياة عائلته المشرفة كان مخلصاً وشجاعاً، وبالتالي فرض نفسه، بحقيقة شخصيته، على كاتب كويتي معروف ليضع سيرته ضمن دفتي كتاب، بغلاف من تصميم مميز ومعبر، وكأنه صورة لباب كنيسة قديمة.
أحمد الصراف