كلنا بشر

يقول المستشار المصري المعروف أحمد عبد ماهر «يحرص البعض على ألا يبلع نقطة ماء وهو صائم، ولكنه لا يتردد في بلع حصة أخته في الميراث، وبلع مترين من أرض الجيران، وبلع متر من الطريق العام».
***
نعم، كلنا بشر ولنا جميعا هفواتنا وأخطاؤنا ونقاط ضعفنا، ومن ينصب نفسه لهداية غيره قد لا يكون بالضرورة أفضل الناس خلقا، بل قد يكون أكثرهم ضياعا وضلالا من الذين يود هدايتهم. فليس هناك معيار يمكن به قياس «فضيلة» شخص ما مقارنة بغيره، وبالتالي كل من يطلق على نفسه، مع سبق الإصرار، وعبر موقعه الرسمي، لقب «فضيلة» هو بحاجة لأن يتواضع ويتوقف عن نفخ أوداجه، واستعراض عضلاته الدينية، فهو لا يختلف عن غيره في شيء غير ربما قدرته على حفظ بضعة أقوال وأحاديث، ونوع من طلاقة اللسان، وهذه لم تكن يوما عنوانا للفضيلة أو من متطلباتها، علما بأن حفظ كم قول أو حديث يكتسب أهميته أو يزيد قدر قائله مع زيادة تخلف المجتمع وتواضع قدرات أفراده، وميلهم الى تطبيق المثل المحلي القائل «ضعها في راس «عالم» واخرج منها سالم». وبالتالي كان طبيعيا أن نقرأ في الأخبار عن «اتهام» ابن أحد الدعاة، من أصحاب الفضيلة، بتهريب حاويات خمور، فهو ونحن جميعا بشر وخطاؤون! كما أن كاميرات سرية كثيرا ما التقطت صور اصحاب فضيلة ومرتدي عمائم وحاملي صلبان في أوضاع جنسية مخجلة داخل «بيوت الله». كما صدرت أحكام في دول عدة ضد «دعاة» حققوا الملايين من وراء سرقة مؤلفات غيرهم ونسبتها لأنفسهم، من دون أن يرف لهم جفن، ولا يزال ملايين السذج يتابعونهم… بنهم!
كما قام غيرهم من أصحاب الفضيلة والسماحة بسرقة ما تم رصده لطباعة المصحف، وهي الوظيفة التي تم ائتمانهم عليها، ولم يوفقوا في طباعة نسخة واحدة منه على مدى عشر سنوات تقريبا.
ولو تم تكليف مكاتب محاسبة عالمية أو محلية محترمة بمراجعة سجلات وحسابات جمعيات عالمية تعمل في مجال الخير، لتبين الحجم الكبير للمخالفات التي ارتكبت داخلها، والتي دأبت على التستر على مرتكبيها، حفاظا على ماء وجوههم التي نشفت من الماء، ومنها قضية نجح فيها عضو مجلس إدارة هيئة خيرية عالمية من الاستيلاء على قطعة أرض، تبرعت بها دولة آسيوية، وتسجيلها باسمه الكريم أو الكريه، من دون رادع من خلق أو ضمير.
هذا ليس استعراضا لتجاوزات هؤلاء، فحال الجانب المضاد لهم ليس بأفضل طبعا، فالجميع بشر، وبالتالي من السخف إصرار البعض على تعيين انفسهم ولاة على غيرهم في الفهم والعلم والأخلاق والفضيلة. وكان تصرفا يتصف بالحقارة ما قام به احد الدعاة قبل سنوات عندما اتهم الليبراليين بارتكاب الفاحشة مع محارمهم، ومع هذا نجحت القوى الدينية في حينه في توفير الحماية له.
ولا ننسى في هذه العجالة ذكر الذين استولوا على أموال جمعيات «خيرية» كانوا مؤتمنين عليها، وحققوا الملايين من وراء سنابل وهمية ثروات كبيرة.
نعيد ونكرر أننا لسنا أفضل من غيرنا، ولم ننصب أنفسنا يوما لهداية غيرنا، ففينا وفي غيرنا عيوب لا تحصى.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top