محشومة يا أم أحمد
أؤمن، منذ سنوات شبابي الأولى، بأن المرأة أكثر قدرة من الرجل على أداء الكثير من الأعمال والمهام الصعبة. كما آمنت أيضا بأنها أكثر قدرة على مقاومة الفساد الإداري بسبب ميلها الفطري الى الخوف على سمعتها ورغبتها في المحافظة على أسرتها، والابتعاد عن المشاكل والعنف الجسدي واللفظي، والسيدة وزيرة الشؤون، هند الصبيح، وغالبية من سبقتها من السيدات في المناصب الحكومية الرفيعة، مثال على ما أقول. فحجم ما تتعرض له هذه السيدة من ضغوط، وإغراءات، بينت حقيقة معدنها، وإيمان القيادة الحكومية بقدراتها واستقامتها.
حل جمعية السلام الخيرية، التابعة ماديا لقطب ديني وحكومي سابق، والواقعة ضمن منطقة نفوذه، لم يأت اعتباطا، ولم يكن حتما قرارا سهلا بالتالي، ولا شك أن العديد من الانذارات قد سبقت صدور قرار الحل، وهذا ما صرح به وكيل الوزارة سعد الخراز قائلا إن القرار جاء بناء على مخالفات إدارية ومالية، وتكرارها رغم التنبيه عليها أكثر من مرة. كما أقر مسؤولو الجمعية بارتكاب المخالفات، ولكنهم وصفوها بغير الجسيمة، ولا ترقى الى مستوى دفع الوزارة الى حلها.
ليس أمام «أصحاب» الجمعية غير اللجوء الى القضاء لينصفهم من قرار السيدة الوزيرة، إن شعروا بأن في الأمر تعسفا ما أو أن ظلما وقع عليهم، وهنا أشك في أنهم سيصلون الى نتيجة مرضية، فالوزارة لا تقوم عادة باتخاذ مثل هذه القرارات الخطيرة في حق جمعية خيرية، لو لم تكن على يقين من أن الحل هو القرار الذي لا بد منه.
وكان مؤلما بالتالي ملاحظة تعليقات النائب رياض العدساني على الحدث. فبالرغم مما لهذا النائب من مكانة وسمعة طيبة، فإن موقفه غير سليم هنا. فهو يتقصد وزيرة مخلصة، ولكنها دأبت، كما صرح، على حل الجمعيات الخيرية، ومخالفة الجمعيات التعاونية! وأنا وغيري نعلم جيدا أن قراراتها السابقة في هذين المجالين كانت سليمة.
كما أن ما ذكره النائب العدساني من غريب القول من أن الأصل في الحل يكون باللجوء الى القضاء غير صحيح إطلاقا، فقرار حل أي جمعية خيرية، تعاونية، مبرة أو غيرها، يقع ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية، وكان حريا به كمشرع أن يعرف ذلك أو يقوم بتقويم هذا الأمر والتقدم بقانون يغل يد الوزارة، ويمنعها من حل اي جمعية بغير حكم قضائي، وإن حدث ذلك فسنرى نهبا لأموال الكثير من الجمعيات، وخاصة تلك التي لا وال ولا صاحب لها، قبل ان يصدر الحكم النهائي الذي قد يستغرق سنوات، وهي فترة كفيلة بشفط دهون اي جمعية، والتغطية بالكامل على كل مخالفاتها.
لا يا سيد رياض، ما هكذا تورد الإبل.. ولو أنني شخصيا لا أعرف كيف تورد!
أحمد الصراف