مكاييل وزير الإعلام المائلة
أشار اتجاهي وهو بالقول بارح
وأعلى وأدنى مستهدفا صلبي
وأطلق نيران الهوى ثم جاءني
يضمد أذني والرصاصة في قلبي
أيا قاتلي فرق قميصي وضمني
إليك! وعالجني كما شئت من طب
وقل للذي يفتيك جهلا بحرمة
أيحيا نبات دون زمجرة السحب؟
فكيف بلا كشف ستجري جراحة؟
كما قيل: بعض الذنب أهون من ذنب
***
هذه الأبيات ليست لشاعر متمرد، ولا لشاعرة جاهلية ساخطة، ولم تصغها مخيلة نزار أو من بزه بجمال القافية، بل هي لابنة أحد الدعاة الذين دار حولهم أخيراً لغط، وشابت فتاواهم تقلبات شديدة، كعهد أغلبية دعاة هذا العصر، لكن لا شأن لنا به وبقضاياه، فالأبيات هي من ديوان «منسية» للشاعرة الكويتية «ميسون طارق السويدان»، التي نالت عليه جائزة الدولة التشجيعية للشعر، وقدرها عشرة آلاف دينار.
المهم أن من وافق على منحها الجائزة وسلمها لها هو وزير الإعلام، رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، معالي الوزير محمد الجبري. وأقولها بصراحة إنني أحببت ما سطرته الشاعرة من أبيات، وتغنيت بها ووجدتها صريحة وجميلة، ولم تقلل من إعجابي بها معرفة هوية من صاغتها، فليس بيني وبينها إلا كل احترام.
وبسبب ضعفي في قرض الشعر، وعجزي عن تقدير قيمته، غير ما يطرب سمعي منه، وما أفهمه بسهولة، فإنني أعجز من أن أقرر مدى استحقاقها للجائزة، أو تأييد أو رفض ما يقوله منافسوها من أنهم كانوا أكثر استحقاقاً منها.. فهذه مسألة أخرى.
سؤالي البسيط لوزير الإعلام يتعلّق بالكيفية التي أجاز بها هو شخصياً هذا النص، وكيف قرر منح الجائزة لميسون سويدان، وبها مثل هذه الأبيات وأشد منها، والتي لا اعتراض لي عليها، وفي الوقت نفسه قام هو شخصياً بالتدخل وتوبيخ ومحاسبة المسؤول في القناة التلفزيونية الرسمية لأنه سمح بمرور قبلة في فيلم كرتوني ركيك، من دون أن يقوم بقصها، لأن القبلة الكرتونية مثيرة، والأبيات أعلاه لا إثارة فيها.
وكيف تقبل سلطاته الأدبية الرقابية بهذا النص (الذي سبق أن أبديت إعجابي به) وتمنع رقابته إجازة روايتي «عبداللطيف الأرمني» لخمسة أشهر، لأن المسؤول المدعوم منه شخصياً اعترض على كلمة واحدة فيها؟
أتمنى يوماً، قبل أن أموت، أن أعرف الطريقة التي يفكر بها رقيب النصوص الأدبية، ومانحو جوائز الدولة.
أحمد الصراف