التدخل السياسي الممجوج في الثقافة والأدب

قامت لجان المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وبهيمنة تامة وتدخل مباشر من معالي وزير الإعلام، وكعادتها في هذا الوقت من كل عام، بتوزيع جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية على مجموعة من الشباب والشابات والشياب.
وحيث إنني لم أكن يوماً، ولن أكون، بحرّ إرادتي، مرشحاً لنيل أي من هذه الجوائز، مع احترامي لدورها وضرورتها، إلا أنني، ولأسباب كثيرة، تجاوزتها، وبالتالي لدي الحرية لتوجيه ما يمكن من نقد لها، خاصة أنه قد مضى على مشروع هذه الجوائز أكثر من 30 سنة، وحان وقت إعادة تقييم الفكرة وأسس منح هذه الجائزة، في ظل حقيقة أن أي مشروع لا يتم تطويره وتجديده ليتواكب مع العصر يفقد جدواه مع الزمن ويصبح ضرره واضحاً.
أرى -شخصياً- أن أي تدخل سياسي في منح أي من جوائز الدولة أمر ممجوج، ولا يليق بدولة سبقت محيطها في هامش الحرية.
ويرى خبير وأديب أن محتوى الجائزة كبير الحجم ومُتضخم، لخلطه بين الأعمال الإبداعية والأعمال البحثية، وبين الفنون والآداب والعلوم الإنسانية الأخرى، وكل مجال مُتشعب لفروع عدة تبلغ 13 فرعاً، ويرى أنه من الضروري تفكيك وتفصيل المجالات بين ما هو إبداعي عما هو بحثي.
كما يرى أن نظام الجائزة قد تجاوزه الزمن فلم يعد يهدف للتشجيع والتحفيز بعد أن تحول إلى نظام تنفيع! فقد أصبحنا نرى بعض الجوائز تُمنح لمرشح واحد مرات عدة في فروع مُختلفة، بينما تُحرم البقية، رغم أن الهدف هو التشجيع والتحفيز، والتشجيع يكون لمرة واحدة وليس لمرات عدة.
كما أن نظام الاختيار أصبح لا يتوافق مع الأنظمة المُعاصرة، والخاصة بالجوائز، سواء محلياً أو خارجياً، حيث تطورت الأنظمة. فهناك أنظمة القوائم الطويلة والقصيرة التي تهدف للتحفيز. فالذين لم يحالفهم الفوز يتم تسليط الضوء على أعمالهم، وهنا نخدم الكاتب والناشر ويكون النظام محفزاً لكل الأطراف.
كما أنه لا مهنية وشفافية في إدارة النظام الحالي، حيث من يتقدم للترشح لا يعلم هل قُبل ترشحه أو لم يُقبل، ولا يبلغ إن كان عمله لا يتوافق مع شروط الجائزة، ولا يتسلم حتى كتاب شكر. كما لا يعلم الجمهور عدد المُشاركين ولا كيف يجري التحكيم ولا أسماء لجان التحكيم. يذكر أن فناناً تشكيلياً معروفاً شارك بلوحة في مسابقة ولم يفز بها، وعندما أعيدت له تبين أنها ما زالت بنفس غلافها، وهذا دليل أنها لم تُعرض على أي لجنة. كما أن موقع الجائزة على الإنترنت هزيل، مقارنة بمواقع جوائز إقليمية مماثلة.
ولإثبات ما ذكرته من تدخل سياسي في الجائزة أن صديقاً مرموقاً في حقله، وضع موسوعة ضخمة عن تاريخ الهندسة في الكويت، أنفق عليها الكثير من حر ماله، وقضى في تأليف الموسوعة النادرة خمس سنوات، ثم نال عليها جائزة تشجيعية بالرغم من أنه بلغ الثمانين، فأي تشجيع لمن في سنه ومكانته؟ فبدلاً من ان يمنح جائزة تقديرية، وهو يستحقها بجدارة، قامت جهة ما، وفي آخر 24 ساعة تقريباً من حفل توزيع الجوائز، بتغيير الجائزة بحيث أصبحت مناصفة، تشجيعاً ومالاً، بين صاحبنا وصاحبة مؤلف آخر! وكان ذلك تصرفاً معيباً بحق الرجل وبحق الجائزة.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top