الجوائز.. للمرة الثالثة
بعد نشر مقالي عن جوائز الدولة التشجيعية والتقديرية، وإشارتي الى تدخل اصحاب النفوذ أو السياسة في منحها، تلقيت عدة اتصالات، وكان أحدها من صديق أثق بحكمه وحكمته، أخبرني انه ليس في عملية منح الجوائز أي تدخلات، وانها تتم بطريقة سليمة، وشرح دور أعضاء لجنة المنح، ومحدوديته، وكيف أنهم في غالبيتهم من الشخصيات التي لا تقبل لنفسها أن يتدخل كائن من كان في عملها، وكيف أن المحكمين الثلاثة، وبينهم غير كويتي، ليست بينهم أي معرفة مباشرة أو اتصال! وبالرغم من جدية ما استمعت له، ورغبتي في تصديقه، فإن الوضع العام الذي نعيشه في كل قطاع جعلني أشك في وجود مثل هذه الواحة في وطني العزيز.
أقر بمبدأ منح جوائز الدولة التشجيعية عام 1989، وكان من المفترض أن يبدأ الاختيار والمنح بعدها بعام، ولكن الغزو الصدامي الحقير أجل التنفيذ لما بعد التحرير. وكان أول تدخل سياسي في عملية المنح خلال فترة تولي المرحوم الشيخ سعود الناصر حقيبة الإعلام، عندما قرر، نتيجة ضغوط سياسية، مخالفة رأي اللجنة وسحب جائزة الدولة التشجيعية من الأديبة ليلى العثمان، وتتالت بعدها التدخلات، وإن في حدود ضيقة. وفي فترة تولي الزميل محمد الرميحي أمانة المجلس الوطني، تم اعتماد «الجائزة التقديرية» لأول مرة وبمبادرة شخصية منه مع كبار المسئولين، التي وضعت لتمنح لمن قطعوا شوطا طويلا من الإبداع في نفس مجالهم الأدبي، الفني أو الثقافي، وأخذ منهم جل عمرهم.
ولو استعرضنا اسماء من تم منحهم الجوائز التقديرية في السنوات العشر أو الخمس عشرة الأخيرة لأصابنا الاكتئاب، فإنجاز بعض من حصل عليها انحصر في البقاء أحياء، وفي إبداعهم في «الواسطة».
ومن مظاهر التدخلات في منح الجائزة مثلا أن العمل الفني أو الأدبي يجب أن يكون مجازاً من الرقيب في وزارة الإعلام، قبل ترشيحه لنيل أي جائزة، وبالتالي فإن الرقيب هو الذي يقرر، وليس مستوى العمل الفني أو الأدبي، وهذه مثلبة يجب تداركها، فليس للإبداع من سقف أو حد يضعه أحياناً جاهل أو متخلف!
كما أن الجائزة بحاجة الى العمل في بيئة أكثر شفافية ووضوحاً، وأن تعلن اسماء أعضاء اللجان، التي تقرر منح الجائزة والمحكمين، فالوصول لهم أو معرفتهم ليس صعبا على البعض، فلم قصر معرفتهم عليهم وحرمان الآخرين من ذلك؟
كما أن المشاركين في الجائزة، أو من يقومون بتقديم أعمالهم للفوز بإحدى جوائزها، مدينون للجنة الجائزة بالحد الأدنى من الاحترام، وذلك من خلال إعلامهم بأن أعمالهم قد تم قبولها، وفي حال عدم الفوز، إعلامهم بذلك أيضا كتابيا.
ما نود التأكيد عليه من وراء مقالاتنا الثلاث عن جوائز الدولة التشجيعية والتقديرية أن الوقت قد حان لإعادة النظر في قواعد منح هذه الجوائز، وفي أسلوب العمل، وفي تحصينها من اي تدخل سياسي أو غير ذلك.
أحمد الصراف