أصابع ملالا، بقلم أحمد الصراف
أوقف مسلحون كثّو اللحى مكفهرو الوجوه صلبو التقاطيع، يضعون على رؤوسهم أغطية طالبان، أوقفوا باص مدرسة بنات، وسألوا إن كانت بينهن واحدة باسم «ملالا يوسفزاي»، وعندما وقفت هذه عاجلها أحدهم بعدة طلقات من رشاش اصابت احداها رأسها، والاخرى طرف عنقها، وهرب المسلحون الجبناء بعدها، متوارين عن الأنظار. وكالعادة، لم تتردد أو تتأخر حركة طالبان في تبني مسؤولية القيام بحادثة الاغتيال، حيث صرح إحسان الله إحسان، المتحدث باسمها، وهي حركة مسلحة شبه مشروعة في باكستان، بالاتصال بـ «البي بي سي» خدمة لغة الأوردو، مؤكداً مسؤولية الحركة، لأن ملالا كانت تحرض الفتيات ضدهم وضد مساعيهم لمنعهن من الذهاب الى المدارس، وإن هذا يتعارض ومبادئ الإسلام، وان التعليم لم يخلق للفتيات.
بدأت جهود ملالا يوسفزاي في معارضة جهود طالبان بمنع تعليم البنات منذ ان كانت في الحادية عشرة من العمر، من خلال ما كانت تدوّنه من مذكرات تنشرها بمختلف الطرق، ومن خلال موقعها الإلكتروني. وجاءت فرصتها عندما تمكنت قوات الحكومة من طرد مسلحي الحركة من سوات، التي اغلقوا فيها كل مدارس البنات، وهنا كشفت ملالا عن اسمها الحقيقي وزادت من كتاباتها، وبرزت أكثر عندما استضافها راديو «البي بي سي»، خدمة الأوردو والخدمة الإنكليزية، لأكثر من مرة، وكانت أولى تلك المقابلات عام 2009، حيث بينت نضجا في تفكيرها وقوة في حجتها وجمالا وأملا في موقفها، وقرأت بعناية صفحات من مذكراتها، ووصفت الخوف الذي تعيشه آلاف الفتيات، في منطقة لا تزال لطالبان سطوة ونفوذ، وفي منطقة هي الأكثر تخلفا وتشددا دينيا، ربما في العالم أجمع!
إن ما قام به جبناء طالبان، والذين يوجد بيننا من أمثالهم الكثير، ما هو إلا محاولة لإسكات الحق بالرصاص، فهؤلاء، بكل ما لديهم من قوة بشرية وحجج دينية وقوة نارية لم يستطيعوا التغلب على أصابع ملالا الرقيقة بغير استخدام رصاصات غادرة في رأسها، ولو وصل هؤلاء للحكم في أي دولة فمصير فتياتها لن يكون بأفضل من مصير ملالا، فليس للفتيات حق لا في التعليم ولا في غيره، هكذا يقول الشرع!