هل سأحيا حتى 2061؟
احتفلت الكويت بالأمس بعيديها الوطنيين، الاستقلال من الحماية البريطانية (1961) والتحرير من الاحتلال الصدامي (1991). كما تزامن الاحتفال مع دخول الكويت عالم توليد الطاقة النظيفة من خلال «مجمع الشقايا للطاقات المتجددة»، الذي يعتبر واحدا من أكبر مشاريع إيصال الطاقة المحصلة من الشمس والرياح لشبكة الكهرباء، والتي ستغطي، مع عام 2030، %15 من كامل احتياجات الدولة من الطاقة.
وبهذه المناسبة، قررت إدارة معهد الكويت للأبحاث العلمية، ومن منطلق رغبتها في أن تترك شيئا عن حاضرنا للأجيال القادمة، قررت وضع كبسولة زمنية في مركز البحوث في مشروع الشقايا، تدفن بشكل محكم ولا تفتح حتى عام 2061 توضع بداخلها رسائل من أبناء هذا الجيل، بمختلف خلفياتهم العمرية والتعليمية والثقافية، موجهة لأجيال المستقبل، تتضمن أفكارا وآراء منتقاة من حياتهم وتبين تصوراتهم لما ستكون عليه الكويت بعد 42 عاما. كما ستدفن معها وثائق تبين مراحل بناء المشروع، مع نصوص أدبية مكتوبة وأخرى رقمية. وتم اختيار عام 2061 لأنه سيمثل، بعد 42 عاما، مرور مئة عام على الاستقلال.
ولو كنت أحد الصغار الذين سيتم تكليفهم بكتابة نص يمثل تصوراتهم أو تمنياتهم لما ستكون عليه الكويت في عام 2061 لكتبت بأنني أتمنى أن أرى حينها كويتا أخرى، كويتا أقل تشتتا وحقدا وتشرذما، وأكثر إنسانية ومحبة.
ولو كنت طفلا آخر لتمنيت أن يكون وطني وطنا للجميع، مثلما كان قبل أن نغرق أنفسنا في الثروة النفطية، يوم كنا نحب الجميع ونستقبل الجميع، ونعطي جنسية لكل من يستحقها، ولا نحصر منحها لأتباع دين أو مذهب.
نعم، لو كنت طفلا لتمنيت في عام 2061 كويتا مدنية ليس فيها للقبلية دور، وليس لرجل الدين دور في إدارة البلاد، بإبعاده عن السياسة وألاعيبها، حاشما نفسه من التعدي عليها.
كما سأكتب متمنيا أن تكون الكويت قد تحولت حينها لدولة بارزة في مختلف مؤشرات التقدم والتنمية، والأولى في ارتفاع معدلات الحياة، وضمن العشرة الأوائل في قائمة الشعوب الأكثر سعادة.
كما سأتمنى أن تتحقق كل أمنيات من وضعوا أحلامهم تحت كبسولة الزمن، وأن أرى كويتا خالية من الاختلالات في تركيبتها السكانية، لا وجود فيها لمظلومين، ولا محرومين من غير محددي الجنسية.
كما أتمنى، عندما يحين الوقت ويطّلع ابنائي أو أحفادي على رسالتي هذه بعد 42 عاماً أن ترتسم ابتسامات الفخر والاعتزاز على شفاههم، بعد أن اصبحت مياه الشرب النظيفة والكهرباء والغاز تصل إلى كل بيت عن طريق شركات مساهمة عامة تدير هذه المرافق بعيدا عن ترهل وفساد بعض الأجهزة الحكومية. وأنه أصبح لدينا أكثر من مطار جيد وجديد وجامعات محترمة، وطرق معبدة، وقوانين متبعة، وشوارع مبلطة، وأسلوب مرور عصري، وأن تدرس الأخلاق في المدارس ويترك تدريس الدين للمجتمع والأسرة وليس للمدرسة.
وأخيرا، اتمنى أن يأتي عام 2061 والعلاقة بين أسرة الحكم والشعب في أفضل حال، تحكمها مواد دستور مستقر ومقبول ومطبق.. من الطرفين، خاصة أن لدينا كل الإمكانات لأن نصبح كل ذلك، وأكثر.
أحمد الصراف