البحر وأموال الجمعيات الخيرية
أورد الزميل بدر البحر، في مقال له تحت عنوان «رائدون في العمل الخيري» 3/11، قصة عن المرحوم يوسف الفليج، أمين صندوق اللجنة الشعبية، وكيف أنه دخل الطائرة، التي تصادف وجود الصديق سليمان الشاهين فيها في الدرجة الأولى، واتجه لمقاعد الدرجة السياحية، وعندما ذهب الشاهين للسلام عليه، ودعوته للدرجة الأولى رفض العرض، لأنه في مهمة رسمية تتعلّق بعمل اللجنة الشعبية، وهم آلوا على أنفسهم أن يكون سفر أعضائها في مهامهم على الدرجة السياحية!
اللجنة الشعبية كانت في أيامها برئاسة المرحوم عبد العزيز حمد الصقر؛ وعضوية المرحوم محمد الخرافي، والمرحوم مرزوق المرزوق، والمرحوم بدر السالم، والمرحوم جاسم القطامي، والمرحوم محمد يوسف النصف إضافة إلى الكبير عبد العزيز الشايع، وكل هؤلاء ليسوا بحاجة لشهادتي في نزاهتهم، ولكني كنت، من خلال عملي في البنك، مطّلعا على الكثير من أنشطة الجمعية وحساباتها والجهات التي تبرّعوا لها، وكانوا قمة في النزاهة والخلق.
قارن الزميل البدر في مقاله ببراعة بين تصرّفات هؤلاء الكبار وتصرّفات غالبية من يديرون الجمعيات «الخيرية» هذه الأيام، الذين أرهقوا وزارة الشؤون، على مدى ثلاثين عاما على الأقل، بمخالفاتهم وتجاوزاتهم وتلاعبهم، وعدم ترددهم في الاستعانة بالنواب وأقطاب في الحكومة لوقف رقابة الشؤون على تصرّفاتهم. وتساءل الزميل عن سبب رفض الجمعيات الخيرية مثلا الرد على أبسط الأسئلة المتعلّقة بنسبة ما يقومون باستقطاعه مما يحصلون عليه من تبرّعات لمواجهة ما يسمى «المصاريف الإدارية»، ولماذا يتخوّفون من إعلانها تطبيقا للشفافية في العمل؟ وكيف أن هذه الاستقطاعات مشبوهة، وأنه لن يتوقّف عن السعي لمعرفة نسبتها، إلى أن يتم التوقف عنها؛ لأنها غير جائزة شرعا، بنظره. فالأساس في العمل الخيري عدم أحقية المشرفين على هذه الجمعيات في الحصول على نفع مادي مقابل عملهم التطوعي.
ما لم يورده الزميل البحر أن الكثير من هذه الجمعيات تحلل لنفسها استقطاع ما نسبته %20 من كل تبرّع لتوزيعه بالطريقة التي تروق لها، وغالبا ما تكون من نصيب من حصل على التبرّع للجمعية، اعتماداً على نص ديني.. ومن يرَ خلاف ذلك يبيّن الأمر؛ لنعتذر له.
واستشهد الزميل البحر بقيام أحد الأحزاب الدينية السياسية بالحصول على فتوى بجواز استخدام أموال الزكاة لدعم الحملات الانتخابية لمرشحي الحزب! وجاء في فتوى أخرى أنها تجوز للبلاد غير الإسلامية فقط، لكون الانتخابات نوعاً من الجهاد في تلك الدول! وهذا دليل دامغ على أن بعض أحزاب الكويت الدينية تتدخل في شؤون وانتخابات الدول الأخرى!
وبهذه المناسبة، أود أن أبيّن للزميل الكريم، وللقرّاء كافة، أننا في «جمعية الصداقة الكويتية الإنسانية» رسّخنا، بنصوص ملزمة، عدم أحقية أي من موظفي الجمعية أو العاملين فيها، أو أي من أعضاء مجلس إدارتها، التكسّب أو الاستفادة من أي نسبة كانت من أموال التبرّعات، وبأي شكل كان. ونتمنى أن تلتزم الجمعيات الخيرية بهذه السياسة، على الأقل من منطلق الشفافية والأمانة. نقول ذلك ونحن على علم بأنه ليس من السهل على الكثير منها التقيّد بمثل هذا الأمر!
أحمد الصراف