دموع المحافظين ومخالبهم

جرت قبل ايام حركة تعيين محافظين جدد وإعفاء غيرهم، وكتب أحدهم ينتقد القرار ويلوم الحكومة بقسوة لعدم تكليف نفسها مشقة الاتصال بمن انتهت «خدماتهم» لشكرهم على ما بذلوه من جهد أثناء عملهم، وكيف أن هؤلاء خدموا باخلاص وأمانة وتفان، وكان يجب أن يعاملوا بطريقة أفضل! تبين بعد نشر مقال الانتقاد أن ما ورد به مخالف للحقيقة والواقع، ولو كلف الكاتب نفسه مشقة الاتصال بأحد هؤلاء لعرف أن الحكومة قد قامت بواجبها، واتصلت بهم وشكرتهم، ولا يعني ذلك أنها تفعل ذلك دائما.. ولكن الحق يجب أن يقال. نعود لعنوان المقال ونقول إن جميع محافظات الكويت تشكو من سوء الخدمات، فشوارع حولي الخلفية وطرقات الفروانية، وحواري خيطان وجليب الشيوخ، وأزقة السالمية، وزنقات هذه المناطق وغيرها، تعاني من الكثير، ففيها تتكدس مساكن العزاب غير الصحية ولا المقبولة إنسانياً، وتنتشر فيها المباني المخالفة، وترتفع فيها أطنان القمامة، وتتكاثر فيها الحفر، وترتع الفئران في جحور بيوتها وشوارعها، وتتوالد القطط السائبة بين بيوتها، وتتمخطر الكلاب السائبة في أنحاء كثيرة منها، ومع هذا لم يحدث أن كلف اي محافظ نفسه، بحسب علمي، الإبلاغ عن كوارث مناطقهم الصحية والبيئية والتنظيمية، ربما لعلمهم بأنه ليس باستطاعتهم فعل شيء، حتى في ما يتعلّق بمخالفات المرور. وان تحركوا، فليس هناك من سيرد على شكاواهم، وهذا الوضع تكرس مع الوقت ويصعب تغييره بغير تفعيل قانون المحافظين، وإعطائهم مخالب وصلاحيات. فعلى الرغم من مرور 13 عاماً على صدور القانون المتعلّق بعملهم، وكونهم من يمثل السلطة التنفيذية في مناطقهم، فإن الواقع خلاف ذلك. فما يقوم به أغلبية هؤلاء لا يتعدى كثيرا استقبال سفراء الدول، او بعضهم، واستقبال كبار المسؤولين، أو بعضهم، والتقاط الصور التذكارية معهم، ووضعها ضمن أطر مكلفة وإرسالها لهم، واكتفاء بعضهم الآخر بإقامة عروض استقبالهم عند وصولهم لمقارهم، وتوديعهم بمثل ما استقبلوا به من حفاوة، وما يصاحب ذلك من شكليات لا معنى لها. وبالتالي، من الضروري تفعيل دور المحافظ وجعله بالفعل مسؤولاً أمام السلطة التنفيذية، وأن يكون صاحب سلطة، وعالما بشؤون وأحوال محافظته، التي لا يعرف أغلبهم حاليا شيئا عنها. فلو كلف كل محافظ نفسه المرور على جبال المشاكل التي تشكو منها منطقته، وتوثيقها بالصورة والكلمة، وإبلاغ مجلس المحافظين بها، لأصيب الجميع بصدمة. فنسبة كبيرة من المواطنين لا تعرف بالفعل الأوضاع المعيشية للكثير من مناطق الدولة!

ومن المهم أيضا اتباع اساليب توزيع أفضل للمحافظين، بحيث لا يكون المحافظ من ابناء المحافظة التي يشرف عليها، ولا محسوبا عليها، لكي تكون نظرته للجميع ضمن مسطرة واحدة، لا يحابي «جماعته» على حساب غيرها.

ولو كنت من بين الذين تم اختيارهم مؤخرا لدمعت عيناي حزنا لعجزي عن فعل شيء! فهل سنرى قريبا نهاية سارة للوضع الحالي غير السار؟ أحمد الصراف?



الارشيف

Back to Top