الموساد.. وظهولة الأكاديمي
تأسس الموساد عام 1951 وحقق نجاحات كبيرة، وكان وراء أكثر المغامرات جرأة وإثارة في عالم التجسس ومكافحة الإرهاب والاغتيالات. وقد نشر الكاتب البريطاني جوردون توماس (1933 – 2017)، عام 1999 كتابا عنه بعنوان «جواسيس جدعون»، تضمن سردا لمقابلات مع عملاء ومخبرين ومن صائدي الجواسيس الذين عملوا مع الموساد. كما تضمن وثائق سرية، وأحاديث من مصادر رفيعة المستوى. وكشف المؤلف في الكتاب أمورا غريبة عن عالم الاستخبارات الإسرائيلية. وتضمن مواضيع مثل محاولة اغتيال البابا بيوس الثاني عشر، ومحاولات اغتيال الموساد لصدام، ودوره في الكشف عن وفاة الأميرة ديانا، وأسرار اختفاء ملايين الدولارات من بنك الفاتيكان، إلى أسرار حركة التضامن البولندية، وكيفية قيام المتطرفين بتجنيد الانتحاريين، بمن فيهم النساء، ودور الموساد في حرب العراق. كما قدم توماس فكرة عن كيفية تدريب الموساد لنشطائه في الميدان وكيفية اختراق عملائه لأجزاء يصعب الوصول لها في العالم العربي، واسرار عملية خطف مردخاي فانونو، الذي كشف أسرار الأسلحة النووية الإسرائيلية في ديمونا، ومحاكمته وسجنه. وعملية خطف الضابط الألماني إيخمان من الارجنتين وإعادته لإسرائيل ومحاكمته وإعدامه تاليا. وقد استمعت لنسخة كاملة من الكتاب على مدى ساعات طويلة، وعرفت منه الكثير الجديد.
***
وفي محاضرة غير قيمة لصاحبنا «الأكاديمي» إياه، وأمام جمع يغلب الجهل على حضوره، ذكر بأنه ورد في كتاب «جواسيس جدعون» أن ليس هناك خط فاصل بين المخابرات العربية والموساد، بل تعاون وتدريب مستمران، وأن هناك نظاما امنيا يربط أنظمة المخابرات العربية بالإسرائيلية، بحيث لا يبقى غير الفرق في سلم الرواتب بينها (ضحك من الحضور). أما بقية الأمور كالمعلومات والتعليمات والقيادات والمناهج فواحدة، لدرجة أنه حتى لو أراد حاكم عربي زيارة عاصمة عربية اخرى فإن الموساد هو الذي عادة ما يقترح أسماء الوفد المرافق، وماذا يطرح للنقاش، وما الذي يجب تجنبه، وشرح كيف أن هذا التخادم والتداخل بين الأنظمة العربية والصهاينة قديم! انتهى النقل! ولو اعتبرنا أن الكويت معنية هنا، والتي يصعب إخفاء سر فيها، وإنها ترسل رجال أمنها إلى إسرائيل لتلقي التدريب فيها، وأن طائرات كبار مسؤوليها لا تقلع من مطاراتها إلا بعد ان ترسل لهم إسرائيل موافقتها، بعد إطلاعها على من يجب اصطحابه في الطائرة، وخط طيرانها، فإن هذا يكفي لإثبات حجم المبالغة الكبير في محاضرة الأكاديمي. وبسبب حالة «المناعة المعرفية» لدى شعوبنا، وميلها لتصديق الشيء ونقيضه في الوقت نفسه، وإيمان قطاعات كبيرة بالخزعبلات، وتصديق الغريب من الأمور دون تكليف النفس مشقة البحث، فقد استغل الكثيرون، ومنهم الأكاديمي وصاحب القرن، سارق مؤلفات الآخرين، وابو الهياكل، وقائمة طويلة أخرى من المظهولين، الذين ساهموا في تخريب عقول الناشئة وكبار السن بمقولاتهم وسخافات أقوالهم، وأحيانا كثيرة أكاذيبهم. ويدعو الأكاديمي في محاضرته لتخوين الأنظمة العربية والثورة عليها وقتل كبارها، وهو هنا يبدو محتميا بحزبه الديني الإرهابي، داعيا لزرع الفتن والفوضى في المنطقة، مستخدما غالبا الكذب لإقناع الساذجين والجاهلين بكلامه، ومع هذا لم يحاسبه احد حتى الآن على أقواله.
(*) «ظهولة» تعني مبالغة باللهجة الكويتية
أحمد الصراف