طامة الوكلاء.. والجمعيات الخيرية
يعاني الجهاز الإداري الحكومي من وجود عدد لا يمكن «بلعه» من الوكلاء، حيث يوجد 61 وكيلا، و266 وكيلا مساعدا، يتصدر مجلس الوزراء المقدمة في عدد من يعمل منهم في أجهزته. ويعتقد خبراء الإدارة بأن من أسباب تردي فعالية الجهاز الاداري بالدولة هو هذا العدد الكبير من الوكلاء، بسبب الاضطرار الى خلق وظائف لهم، وتكبيل الجهاز الإداري بهم، فنسبة كبيرة منهم رُقيّ بناء على قواعد المحاصصة وترضية النواب والمتنفذين، يحدث ذلك بالرغم من الحقيقة المعروفة أن نصف هذا العدد من الوكلاء يكفي لإدارة العمل الحكومي، وحتماً بكفاءة أعلى. وفي جانب آخر، تطرقت مختلف الصحف الى عجز وزارة الشؤون عن وقف تجاوزات ومخالفات بعض الجمعيات الخيرية. فبالرغم من جهود وزيرة الشؤون السابقة في محاربة الفساد فيها، ورفعها تقريرا لمجلس الوزراء بشأن أفرع الجمعيات المخالفة، التي لم يغلق منها سوى %30، وما يجب فعله حيالها، فإنها اصطدمت بعجز المجلس عن اتخاذ قرار جذري بخصوصها، بسبب ضغوط الأحزاب الدينية وعدم تجاوب البلدية مع إجراءات الإغلاق، لما تدره هذه المراكز المخالفة من أموال على هذه الجمعيات التي تنتمي في أغلبيتها لأحزاب دينية، في ظل عجز وزارة الشؤون عن معرفة ما تقوم هذه الجمعيات باستقطاعه من التبرعات، في صورة «مصاريف»، والتي تكون أحياناً مركبة، كأن تستقطع مرة في الكويت، وثانية في البلد الذي تتعاون معه لتنفيذ مشاريعها. ويقال ان سيدة كويتية تبرّعت بمبلغ ضخم لجمعية خيرية محلية للصرف على إقامة مركز إسلامي في فرنسا. قامت الجمعية باستقطاع %12 من مبلغ التبرع، وأرسلت الباقي لممثلها في فرنسا ليقوم هذا باستقطاع نسبته منها. رفضت فرنسا إقامة المركز، فكان لا بد من إعادة المبلغ للمتبرعة، فتورطت الجمعية، وتطور الأمر، بحيث أدى الى استقالة أحد أعضائها، في شكل من أشكال الفساد المتكرر من وراء الكواليس. وأعتقد بأن وزارة الشؤون عاجزة عن التصدي لمثل هذا النوع من النصب. كما تطرقت الصحافة الى حادثة أخرى تورطت فيها جمعية سلفية، حوّلت مبلغ 4 ملايين يورو لبناء مركز إسلامي في بلجيكا. وبسبب التلاعبات سُحب الترخيص. ولكن تبين أن العقار مسجل بأسماء ثلاثة أعضاء كويتيين في الجمعية، وبسبب التعاون مع جمعية خيرية أخرى مصنّفة تحت قائمة الإرهاب، وضعت الحكومة البلجيكية يدها على كل الاصول، لتذهب أموال المتبرعين ضحية التجاوزات، وسوء الادارة المستمر! وهناك فضيحة ثالثة تعلقت بمشروع «ذبح أضاحي العيد»، فشلت جمعية خيرية في تنفيذه تحت مرأى ومسمع وزارة الشؤون، التي وقفت متفرّجة حتى تاريخه، من غير إخطار المتبرعين الذين اعتقدوا بأنهم أدوا نسكاً مهماً من مناسك عيد الأضحى أوهمتهم اللجنة بأدائه. وهناك بالطبع عشرات القصص الأخرى التي لا يتسع المجال لذكرها، ومع هذا تقف الوزارة عاجزة أمامها، ولكنها لا تتردد في محاسبة الجمعيات الخيرية الملتزمة على أبسط المخالفات. ومن منطلق حرصنا على أموال المتبرعين وتطبيقاً للشفافية في أعمالنا، فقد ضمنا القوانين الداخلية لـ«جمعية الصداقة الكويتية الإنسانة» نصوصا واضحة، تمنع العاملين في الجمعية أو المشرفين عليها أو مجلس إدارتها التكسب من عملية جمع التبرعات تحت اي ذريعة أو نص كان، حفاظا على سمعة الجميع وعلى مشاريعها وسمعة مجلس إدارتها.. ونتمنى لو سعت وزارة الشؤون الى تطبيق الأمر ذاته على كل الجمعيات الخيرية، وإن حدث ذلك فإن نصفها سيتوقف عن العمل… لأسباب معروفة.
أحمد الصراف