إلى القيادي النفطي.. الإشادة بدلاً من النيابة!
ورد على صدر الصفحة الأولى من القبس يوم أمس أن قياديا في النفط ثبت عليه قيامه بتسجيل أو قبوله بقيام غيره بتسجيل مجموعة من العقارات، عددها ست قسائم، في احدى المناطق التي يمتلك فيها فهد الرجعان، المدير العام السابق لمؤسسة التامينات الاجتماعية، والمتهم بالتلاعب في اموالها، بتسجيلها باسمه، وان هذه العقارات حولت إليه، وهو المسؤول النفطي، على سبيل «الأمانة» ولم يقم بالتالي بدفع ثمنها لمن حولها له، وهو فهد الرجعان. علما بان هذه القسائم، التي سجلت باسم القيادي النفطي، جرى التحفظ عليها ومصادرتها، وان الحكم الذي صدر مؤخراً ضد الرجعان وردت فيه مصادرة هذه الممتلكات العقارية والشركات والأسهم والمنقولات المستخدمة في ارتكاب جريمة غسل الأموال. وأوضح الخبر أنه لدى مواجهة القيادي في القضية بما قام بارتكابه أفاد بأنه سجل هذه العقارات باسمه في عام 2013 وقبل إثارة قضية الرجعان في المحاكم، وأقر بالأمر وبالتالي قرر الاستقالة من عمله النفطي على الفور، درءاً للشبهات ومنعاً للحرج! إلى هنا والخبر شبه عادي، والذي هو غير عادي هو ما أوردته القبس في الخبر من أن قياديا رفيع المستوى في النفط، قد ثمن خطوة القيادي المتهم بالاستقالة والنأي بالقطاع النفطي عن أي شبهات غسل أموال واختلاسات، واصفاً خطوة «التنحي» بأنها «جيدة»!. كما كشفت مصادر أن حيثيات حكم الرجعان الأخير بينت أن هناك قياديَّين نفطيين سابقين متورطين في قضية الرجعان من خلال تسجيل عقارات أخرى يبلغ عددها 15 باسميهما في منطقة أبو فطيرة من دون أن يدفعا ثمنها.... ولم يرد في الخبر أن هذين المسؤولين السابقين قد جرت الإشادة بهما ايضا! لعلم القارئ، حظي هذا المقال بأعلى عدد من القراء، وهذا أمر طبيعي، ولكن ما هو غير طبيعي الطريقة التي تعاملت بها الجهات المعنية مع هذا الخبر. فواضح أن المسؤول النفطي متهم بجريمة غسل اموال، فهو لم يقم ويبادر بإعلام النيابة أو سلطات التحقيق بوجود هذه العقارات، التي تخص المدان فهد الرجعان باسمه، بل اختار السكوت، وجرى كشف الجريمة بعدها بسنوات من قبل سلطات التحقيق. ولكي يزداد الطين بللا، والسخام سوادا، قام مصدر رفيع بالإشادة بمبادرة المسؤول النفطي بالاستقالة، درءا للشبهات ومنعا للحرج، اي حرج وأي شبهات وما علاقة المؤسسة النفطية بالموضوع أصلا، فالجريمة هنا شخصية بحتة، وكان من المفترض صدور قرار بإعفاء المتهم المتورط من وظيفته، وإحالته للنيابة في هذه القضية المعقدة التي شغلت الرأي العام، والحكومة منذ سنوات، وليس الإشادة بعمله واعتبار ما قام به أمرا جيدا! والسماح بتمرير هذه الحالة من دون محاسبة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي قيادي يثبت تورطه وتواطؤه في قضايا فساد وغسل أموال، نكون قد كرسّنا عُرفاً بشكر وتكريم المشتبه به بدلاً من سجنه! الاستقالة، وحتى «الإقالة»، لا تعفي من المحاسبة.
ما العمل.. فهذه هي الكويت؟
أحمد الصراف