أخلاق طريق يوك

عندما حصلت على إجازة قيادة مركبة عام 1963، حرص العريف على إبلاغي ان عليّ إفساح الطريق لموكب الأمير ولسيارات الإسعاف، ولكن بسبب تغيّر الظروف الأمنية، أصبح للمواكب الأميرية والرسمية مسارها المختلف. وفي بريطانيا، وقبل تقديم اختبار القيادة في الثمانينات، نصحني جميع من استأنست بآرائهم بتجنّب مجاملة أو الحديث مع الضابط أو المسؤول عن الاختبار، والاستماع إلى تعليماته فقط، وحتى عدم إلقاء تحية الصباح عليه.. أما في دول «السؤدد»، فعادة ما يكون المختبر قد قبض المقسوم قبل الاختبار. مع إصرار وزارة الداخلية على السماح باستخدام حارة الأمان في بعض الطرقات ولبعض الوقت، والتي أصبحت حاليا في كل الطرقات وفي أي الوقت، أصبحت سيارات الإسعاف مجبرة على استخدام حارات الطريق العادية، مع المركبات الأخرى، حتى في أقصى حالات الطوارئ. ومع تعدّد جنسيات وثقافات سائقي المركبات في الكويت، وارتفاع حرارة الطقس، ورغبة الجميع في إنهاء أعمالهم بأسرع وقت والعودة الى بيوتهم، أصبحت منظراً طبيعياً مشاهدة مدى سيارة إسعاف أو شرطة تزأر صفاراتها وفلاشاتها تبرق وترعد، تود المرور بأي شكل، ولا أحد مكترث لإفساح الطريق لها، إما عجزاً، وإما جهلاً، وإما عناداً، فقد أصبحت ما تصدره هذه المركبات من صفارات إنذار تشبه أصوات صفارة حكم مباريات كرة القدم على التلفزيون، لا تعني غالباً الكثير للكثيرين، ولا شك في أن لهذا التجاهل تبعات خطيرة، ليس فقط على حياة المصابين في سيارات الإسعاف، بل وعلى أخلاقيات مستخدمي الطريق بشكل عام. وفي سعي من حكومة دبي السبّاقة إلى دفع سائقي المركبات للتجاوب السريع مع طلب سيارات الإسعاف إفساح الطريق لها، فالثواني هنا تعني الفرق بين الحياة والموت، فقد قامت بزيادة غرامة عرقلتها من 1000 درهم إلى 3000 آلاف، أي 250 ديناراً، إضافة الى عقوبات فنية أخرى. وستجري مراقبة هذا النوع من المخالفات، من خلال كاميرات المراقبة المنتشرة على التقاطعات والأماكن الحساسة. ليس لدينا هنا عقاب شديد لمن يعرقل مسار سيارات الإسعاف، خاصة أن ليس لها مجال لاستخدام كتف الطريق بعد أن سمح للآخرين باستخدامه، ولا تسمح أخلاق غالبية السائقين بإعطاء الأمر ما يستحق من أهمية، ربما بسبب تواضع ثقافتهم، وبالتالي من الضروري البحث عن حل سريع وجذري لمشكلة تأخّر سيارات الإسعاف في أداء عملها، وإعادة الحظر على استخدامات حارة الأمان، وإعادتها الى وضعها الطبيعي السابق، والسماح مثلا لسائقي سيارات الإسعاف بتصوير السيارات التي تعرقل سيرهم وتزويد إدارة المرور بها، والحرص على إبلاغ كل السائقين وبمختلف اللغات، وعن طريق وسائل التواصل، واختبارات القيادة، بضرورة إفساح الطريق لسيارات الإسعاف والشرطة، والأهم من ذلك تغليظ العقوبة على المخالفين. انتشرت قبل أيام على «الواتس أب» صورة سيارة إسعاف تصادف مرورها في وسط تظاهرة مليونية في مدنية هونغ كونغ، ورأينا كيف قامت الجموع الغفيرة بإفساح الطريق لها بطريقة تبعث على الاحترام، ولو حدث مثل ذلك هنا لانتهى ما في سيارة الإسعاف من وقود، وهي واقفة في مكانها من دون حركة، دع عنك مصير مَن بداخلها.

أحمد الصراف



الارشيف

Back to Top