تغريدة صاحب العمامة

قال في «تغريدة»: الفرس قبائل آسيوية بدوية غير متحضّرة، احتلّوا العراق فتَحضّروا. واحتَلّ العربُ العراق واستقرّوا فيه، وكانوا قبائل بدوية فتحضّروا. واحتَلّ المغول العراق وهم قبائل بدوية فتحضّروا. وقال في تغريدات أخرى، نفث فيها عُقداً نفسية، واصفا الكويت وبعض رموزها بأوصاف تبيّن ان الأواني لا تنضح إلا بما فيها. وسخر من رفض الحكومة الكويتية إسقاط القروض عن المقترضين من البنوك، وافتخر بأن الشعب العراقي طوال تاريخه لم يستدن من المصارف! ويا لها من مقارنة سخيفة، ودلالة على فكر ضحل. وادعى، بغير خجل، أن الكويت ارتجفت من تغريداته.

***

ما كنا لنلتفت الى كل ما قال لولا أنه تمادى، مع ذكرى الغزو والاحتلال العراقي للكويت، في ترهاته وبث سمومه، وأجرى استبيانا على موقعه في تويتر، سائلا العراقيين: هل الكويت أرض عراقية مسلوبة؟ أم دولة قديمة مستقلة عن العراق؟ وجاء الجواب صادما له، حيث شارك 5000 شخص تقريبا في التصويت، اختار %38 منهم الكويت أرض عراقية، وقال %62 إنها دولة مستقلة. ولكنه استمر في غيّه، وأصر على أن الكويت تتبع العراق، فكان لابد من الرد عليه وعلى أشكاله: الكويت، يا سيد اياد جمال الدين -يا من ترتدي الزي الديني الشيعي وتضع على رأسك العمامة السوداء- عصية عليك وعلى أمثالك، ليس لأنها قوية وكبيرة وتمتلك الأسلحة الفتاكة، بل لأن فيها شعباً يمتلك مساحة من الحرية لم يعرفها العراق في تاريخه الحديث. كما أن الشعب الكويتي بمختلف أطيافه، يعشق قيادته كما لم يعشق شعبك أيا من أنظمة حكمه، وسيقاتلك ويقاومك، ولا يدعك تهنأ إن تجرأت ووطئت بقدمك أرضه ثانية! نحن في الكويت أحرار، ولسنا طلاب مشاكل، ولن أدخل معك في جدل تاريخي اتفق الجميع عليه، وعلى حقيقة أننا لو كنا بنظرك نتبع العراق أثناء حكم الأتراك العثمانيين لكم، فالأولى أن تكونوا الآن تابعين للدولة التركية! ولو افترضنا أن هناك نسبة -ولو قليلة- تؤيد وجهة نظرك، بخصوص تابعية الكويت للعراق، فماذا سيفيدك أو يفيدهم هذا الادعاء؟ لا أنت ولا غيرك سيهنأ في عالم اليوم باحتلال أرض الغير. عليك أن تعود وتقرأ التاريخ وتتعلم منه وتدرس كم الأمثلة حولك لتعرف ان الحروب الأهلية وحروب الجوار وحروب الاحتلال لا ينتج عنها غير الدم والحرق والقتل والتشريد والدمار. ولِّ وجهك شطر وطنك يا سيد، وحاول أن ترفع من شأنه، واترك الآخرين وشأنهم، فيكفي ما نال العراق على يد صدام ومن سبقه، وعلى يد المؤمنين بخرافات التاريخ من أمثالك، من دمار وهلاك بشر، وزرع دون حصد أي فائدة تذكر. قلت في تغريداتك أعلاه إن العراق علّمَ الفرس الحضارة، وجعل البدو مدنيين والمغول متحضرين، ولكن ألا ترى معي، من واقع تغريداتك، وكم الشتائم التي تضمنتها، والكلام البذيء الذي صدر منك، في حق من لا تعرف حقيقة قيمته، أنك أنت الذي تحتاج الى أن تتأدب وتتحضر، ليس فقط في الفاضح والبذيء من الألفاظ، بل وأيضا في الفكر. فالإنسان المتحضر عادة ما يكون أكثر تسامحاً وأقل حقداً، وأكثر فهماً وإدراكاً لمعطيات التاريخ. فاستقلال الكويت وسيادته على كامل أرضه مسألة محسومة بموجب اتفاقيات مشتركة، وبموجب قرارات الأمم المتحدة، والانشغال بهذا الأمر لن يورثك غير الأورام في القلب والعقل. ونصيحتي أن تحاول أن توصل رسائلك مستقبلا بأقل قدر من البذاءة والسوقية، على الأقل احتراماً للعمامة التي تحملها على رأسك.

أحمد الصراف 

الارشيف

Back to Top