المرأة في عيون الليبرالي
يقول داعية مثير للجدل، من على كرسيه الأحمر ومن مسجد غير معروف، وهو الذي سبق أن تورط في عدة مواقف طائفية لم يزده ذلك إلا تشبثا أكثر بسقيم آرائه، وآخرها أن المرأة لا تنفع أن تكون جرّاحة، لأن مشاعرها رقيقة، وإن وجدت فهي إما غير متزوجة أو مسترجلة، فرقة مشاعر المرأة لا تسمح لها أن تقوم بالعمليات الجراحية المميزة! ولا أدري لماذا أنكر على المرأة غير المتزوجة رقة المشاعر؟ عاد هذا التعيس في اليوم التالي واعتذر، وان مستمعيه أساؤوا فهمه! ولا أدري لم استمر من كان يستمع له في البقاء في مجلسه، وهو يسمعه ينكر ما هو مثبت على اليوتيوب، وأن لا لبس ولا سوء فهم في الموضوع، وكان تراجعه تأكيدا ثانيا على سابق موقفه. تناسى هذا المدعي أن المرأة التي لا تصلح للولاية بنظره، ولا تصلح لأن تكون جرّاحة هي التي انتصرت عليه وعلى أشكاله وأذاقتنا المرارة في حرب أكتوبر 1973. ورفيقتها هي التي قادت الحرب وانتصرت على باكستان، وغير ذلك من أمثلة. وألمانيا، عملاقة أوروبا، وصاحبة أفضل المنتجات وأقوى اقتصاد، تحكمها منذ سنوات طويلة امرأة، وكانت طوال ذلك زوجة فاضلة وأما حنونا، وليست مسترجلة ولا تقودها عواطفها التي تكلم عنها، وهكذا الأمر مع كريستين لاغارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، وكذلك المفوضة العامة الجديدة للاتحاد الأوروبي وعشرات آلاف السيدات اللواتي يتحكمن في أكبر المؤسسات والمصارف والشركات والوظائف الحكومية المرموقة، وهن في قمة حسنهن وخلقهن. وفي هذا الصدد تقول السيدة إقبال دندري، عضوة مجلس الشورى السعودي، إن الأوان حل لأن يسمح لمن بلغت الخامسة والعشرين من العمر وتتمتع بالرشد والنضج، أن تزوج نفسها من دون شرط موافقة الولي على عقد «النكاح»! خاصة أن الاحناف يرون أن عقد النكاح لا يستلزم غير موافقة المرأة، واستشارة الولي فقط من باب الاستحباب. وقالت دندري ان غالبية دول العالم، ومنها دول إسلامية، تمنح المرأة هذا الحق. ما لم تذكره دندري، وهي غير مذيعة التلفزيون التي أثارت ضجة مؤخرا، ان الأمر أخطر من ذلك، فغالبية الفتيات يتم تزويجهن دون حتى سؤالهن، وما يتم حاليا ما هو إلا ديكور مكمل. وكان لافتا للنظر موافقة السلطات السعودية مؤخرا، ولأول مرة، على سفر المرأة من دون موافقة أحد محارمها، متى ما بلغت الحادية والعشرين، وهذه لفتة عظيمة وتطور تاريخي يحسبان للمملكة. ويحتاج الأمر لإعادة النظر في قوانين الأحوال الشخصية والجزاء المجحفة بحق المرأة بشكل مرعب. فقانون الجزاء في الكويت مثلا يشجع حتى اليوم على قتل المرأة في حالة الزنى، أو حتى الشك فيه. فالرادع في صلب المادة 153 بسيط. فمن يحكم عليه كقاتل في جريمة زنى يعتبر وكأنه ارتكب جنحة، ويسجن لثلاث سنوات، بعد دفع غرامة 30 دينارا، أي ان روح المرأة هنا لا تساوي غير 30 ألف فلس! كما كان لافتا للنظر الحكم النهائي الذي صدر مؤخرا في الكويت والذي ألزم مواطنا بدفع نفقة 1000 دينار لمطلقته وأبنائه منها، ومبالغ كبيرة أخرى لتغطية تكاليف استقدام خدم، ورواتبهم الشهرية وتكلفة شراء سيارة وراتب سائقها الشهري. وهذا حكم مستحق منذ فترة، وغير مسبوق بالفعل.
***
ورد في مقال الخميس أن الخليفة العباسي المأمون هو الذي ساند الأشاعرة، الذين يقتدي الإخوان بفكرهم. والصحيح أن المأمون حارب الأشاعرة وقرّب المعتزلة. أما من قرب الأشاعرة وحارب المعتزلة فقد كان الخليفة العباسي الطاغية المتوكل بالله، الذي لقبه المستشرقون بـ «نيرون الشرق». فمعذرة!
أحمد الصراف