الطب والأطباء.. ونواب الكوبة
لا توجد فئة من المواطنين أو المقيمين لا يمكن الاستغناء عنها، بدرجة أو بأخرى، ولكن يأتي الأطباء، المعنيون بأمراضنا النفسية والجسدية والعقلية، على رأس قائمة الأكثر صعوبة في الاستغناء عنهم. ولكن مع تزايد وتيرة وعدد الاخطاء الطبية وحدوث وفيات ومخالفات خطيرة في الجسم الطبي، خصوصا في القطاع الخاص، قام وزير الصحة في الشهر الماضي بإصدار تعميم طلب فيه من جميع الأطباء ومزاولي المهن الطبية المعاونة العاملين في القطاع الطبي الخاص مراجعة وزارة التعليم العالي للحصول على معادلة شهاداتهم العلمية قبل طلب ترخيص مزاولة المهنة، وبالتالي تجميد عملهم أو ممارساتهم لأي مهنة طبية لحين الانتهاء من معادلة الشهادة، وهذه مهمة صعبة تتطلب، حسب أكثر التوقعات تفاؤلا، أكثر من ستة أشهر، يكون اثناءها الطبيب والمركز الطبي مشلولين وبلا عمل. شمل التعميم الجميع، وحتى طلبات إصدار وتجديد ونقل ترخيص مزاولة مهنة الطب لكل التخصصات والمستويات، من دون استثناء. كما شمل القرار بتأثيره السلبي القاتل آلاف الأطباء وعشرات المراكز الطبية. وأشارت المصادر إلى أن استثناء الأطباء من معادلة الشهادات لمدة 6 أشهر أو سنة بالتنسيق بين وزارة التعليم العالي وديوان الخدمة المدنية ليس الحل الأمثل، مع عودة المشكلة لتتجدد بعد انتهاء المدة. وقد قامت الهيئات الطبية، ممثلة بالجمعية الطبية وجمعية طب الاسنان وجمعية الصيدلة واتحاد أصحاب المهن الطبية الاهلية، بمناقشة المشكلة مع وزارة الصحة بغية إيجاد حل مناسب لتطبيق قانون حظر استخدام الشهادات العلمية غير المعادلة في ظل عدم إصدار أو تجديد أو نقل تراخيص مزاولة المهن الطبية أو المعاونة، إلا إذا تمت معادلة الشهادات العلمية، إلا أن الوزارة ألقت بالكرة في ملعب ديوان الخدمة المدنية مطالبة إياه بإيجاد حل مناسب للموضوع! وبحسب المصادر فقد كشف دخول القانون حيز التنفيذ خللا في إدارة التراخيص الصحية في وزارة الصحة مما ينذر بأزمة قد توقف المزيد من المستشفيات والعيادات والمستوصفات في القطاع الخاص، عن العمل نهائيا، حيث كانت إدارة التراخيص الصحية وعلى مدى عقود تصدر تراخيص الأطباء لمزاولة المهنة في القطاع الخاص دون معادلة شهاداتهم. وبحسب القانون سيصدر وزير التعليم العالي اللائحة التنفيذية والقرارات اللازمة لتنفيذه، حيث أكدت المصادر أن وزارة الصحة تسعى لتأجيل تطبيق القانون على الأطباء والصيادلة وغيرهم من الممارسين الصحيين وأصحاب المهن الطبية المعاونة لحين وضع آلية لمعادلة شهادات الأطباء بصفة عاجلة لدى وزارة التعليم العالي أو لاستثنائهم بشكل كلي، خاصة أن وزارة التعليم العالي لم تكن أصلا مهيأة للقيام بمعادلة أكثر من 2500 شهادة طبية مرة واحدة، وبالتالي من الضروري جدا إسناد الأمر لأكثر من جهة، داخلية وخارجية، للتغلب على المشكلة الخطيرة التي يعيشها الجسم الطبي! المؤسف ألا يلقى مثل هذا الموضوع الخطير اهتماما إعلاميا كافيا، فقد أطباء أعمالهم وتركوا البلاد، وأغلقت مراكز طبية أبوابها بسبب عدم تجديد إقامات أطبائها، وتم اتهام مراكز أخرى بالمتاجرة بالبشر، وأصبح غيرها معرضا لدفع غرامات مالية كبيرة بسبب انتهاء إقامات الأطباء أو الصيادلة العاملين لديها، وهم بانتظار معادلة شهاداتهم. كما تجاهل النواب الندوة التي دعت إليها الجمعيات الطبية والتي عقدت قبل بضعة ايام في مقر الجمعية في الجابرية، ولم يحضرها غير النائب الشهم أحمد الفضل، في الوقت الذي لا يتردد فيه نواب الكوبة عن الاحتجاج والتهديد بالاستجواب وتوقيع العرائض وطلب مقابلة أعلى المراجع فقط لأن فتاة هزت أكتافها في حفل!
أحمد الصراف