الصفدي ومعجب الدوسري
أرسل الصديق والوزير السابق سليمان ماجد الشاهين النص التالي من مقدمته لكتاب «تاريخ الفن التشكيلي في الكويت»، خصوصاً ما تعلّق بسيرة المرحوم معجب الدوسري: لم يكن «معجب» رساماً أو مدرساً، بل وأيضاً فناناً مرهف الريشة والحس. تلك هي الصورة التي أورثها لكل تلاميذه ومريديه من خلال عطائه الفني الكبير، بالرغم من عمره القصير، متنقلاً بين المباركية والشويخ (1953). وأستطيع أن استدعي بعض ملامح تلك الفترة، فتلاميذ مطلع الخمسينيات كانوا هم الجيل المبهور بكل جديد، وكان معجب إحدى علامات تلك الجدة لهواة الرسم آنذاك، وكان الأصدقاء طارق فخري وعبدالله تقي وعيسى بوشهري وأحمد النفيسي وحسين البدر وأنا في مقدمة من اقتربوا منه، فقد حمل معه كل جديد بعد عودته من دراسته بالنسبة لفن الرسم في الكويت، بل من الأصدق أن نقول إن تاريخ الحركة التشكيلية بدأ معه. وكنا نحيط به في جمعية الرسم ليسمعنا أحاديث عن المدارس الفنية المختلفة وعن مشاهير الفنانين وأساليبهم في الرسم وعن تاريخ الفنون والمتاحف التي زارها وينصح بها، وعن التقنيات الحديثة، وعن أمور كثيرة لم نعلم عنها. كان خصباً في عطائه الفني وفي حديثه، وكأني به يحاول أن يختصر الزمن ليخلق الحركة الفنية التي يحلم بها لوطنه. وكان يطلعنا على لوحاته التي أنتجها، ويشرح كل فكرة فيها، وكانت لوحة «ضاربة الودع» الأقرب لنفسي، ولم تكن أفضل أعماله. لقد كان تعلّق معجب بفنه بغير حدود، فعندما زرناه في شتاء 1955 في «الأميري» وهو يتلقى العلاج من القرحة القاتلة، قال بضع كلمات حفرت معانيها في ذاكرتي، بأن أقصى ما كان يتمناه في تلك اللحظات التي كان ينزف فيها دماً أن يمسك بريشته ويغمسها في دمه ويرسم لوحة «الألم»! ذلك كان الفنان الكبير«معجب» الذي غادرنا شاباً عام 1956. *** أكتب ذلك بمناسبة ما سبق أن ذكرته من أن الفنان معجب هو مصمم غلاف «الكويت اليوم»، والحقيقة خلاف ذلك، فقد كان المرحوم يعاني كثيراً من مرضه في السنة التي جرى فيها إجراء مسابقة اختيار الغلاف، ولم يكن قادراً على الابداع. وتبين من ملاحظة أبداها القارئ نصر الله سيد حميد بهبهاني، من واقع استدراك أرسله الفنان حمزة إسماعيل إصلاح لـ القبس بتاريخ 18/12/2004، تعلق بتحقيق نشرته الصحيفة قبلها بأيام عن ولادة أول مطبعة حكومية، حيث ذكر الفنان حمزة أن من فاز في مسابقة وضع تصميم الغلاف هو أستاذ التربية الفنية في ثانوية الشويخ شريف الخضراء، الفلسطيني الصفدي، وأن من نفذ التصميم بشكله النهائي هو الطالب، حينها، حمزة إصلاح. كما أن غلاف أول بضعة أعداد من «الكويت اليوم» كان مختلفاً عن الحالي، حيث كان بالألوان ويحمل شعار الإمارة القديم، قبل أن يزال تالياً. كما كان فاضل خلف التيلجي، الأديب والدبلوماسي، والد سفيرنا في كوبا، أول سكرتير تحرير للجريدة الرسمية.
أحمد الصراف