جريمة الشويخ
يصبح الأمر أقرب للفوضى عندما تتدخل سلطة عليا في اختصاصات سلطات أدنى، الأكثر خبرة وفهما للأمور، خصوصا الفنية والعلمية منها. يعتبر وضع منطقة الشويخ الحالي جريمة بحق البيئة والأمن والنظام العام، فهي، بعد جليب الشيوخ، المنطقة الأكثر اكتظاظا بالمخلفات الصناعية والعمالة السائبة وفوضى المرور والازدحام المستمر، وما يرمى في مجاريها من زيوت وأتربة مشبعة ومواد صلبة، هذا غير فوضى التراخيص وتداخل الاختصاصات، وسكن عشرات آلاف العمال في ظروف سيئة، وغياب الأمن فليس فيها، بالرغم من اتساعها، غير مخفر واحد أو ربما اثنين. والغريب في هذه المنطقة أن قلة من الجهات الحكومية على استعداد للاقتراب منها أو اقتراح إجراء إصلاحات جذرية عليها والسبب بسيط ومعروف، فلا يوجد طرف في هيئة «أكبرها وأسمنها» إلا وله مصلحة أو مقاطعة فيها! كما تشكو المنطقة من انعدام الحمامات العمومية فيها ونقص في الاستراحات أو الساحات العامة أو الحدائق، وهي مهملة تماما من مختلف وزارات الخدمات. ولكي يزيد مجلس الوزراء الطين بلة ويضيف لمشاكل الشويخ مشاكل أكبر قرر أن ينقل لها كامل منطقة شرق الصناعية، من خلال اتخاذ قرار متسرع وغير مدروس ولا مبرر، ويتضح ذلك من صيغة الخطاب الذي وجهه مجلس الوزراء إلى وزير البلدية، طالبة منه ايجاد موقع بديل لقسائم شرق الصناعية. فبانتقال كل كراجات وورش ومعارض ومخازن شرق إلى الشويخ نزيد من معاناة ملاك المنطقة ومن مستخدميها. فالمنطقة غير مكتملة الخدمات، وما هو موجود منها يعاني من الضغط الشديد، خصوصا البنية التحتية للطرق. فعلى سبيل المثال توجد في منطقة الشويخ ورش تصليح سيارات وبيع قطع غيار تعادل ضعف عددها في لبنان مثلا، بالرغم من أن الأخيرة بها سيارات متهالكة أكثر من الكويت، وبينها 30 ورشة على الأقل لتصليح عوادم (اكزوز) السيارات!! إن نقل منطقة شرق الصناعية إلى الشويخ جريمة بحق الوطن، فالشويخ تعاني حاليا وتئن تحت ثقل وضغط كل ما يجري في شوارعها، وهي بالفعل بحاجة ماسة للخدمات وللتنظيف المستمر ولمنع السكن فيها، ولتكثيف تشجيرها، فكونها صناعية فإنها بحاجة اكبر من غيرها للأوكسجين، على أن تنقل منطقة شرق الصناعية لأي جهة أخرى، مع ضرورة تحويل منطقة المسلخ القديم الى حديقة عامة، وتقليل ازدحام المنطقة بمنع تفتيت الحيازات، وغير ذلك من إجراءات عاجلة تتطلبها المنطقة قبل ان تخرج الأمور عن السيطرة.
أحمد الصراف