ثروات الصبيان
تنقل صلاة الجمعة منذ سنوات مباشرة من خلال إذاعة وتلفزيون الدولة. وفي أحد أيام فبراير عام 1981، عندما كانت الصحوة الخربة في بدايات بروزها، كان خطيب المسجد الذي كانت تنقل منه الخطبة والصلاة شاباً مراهقاً، من مخرجات الصحوة الأفغانية، وأثناء خطبته أخذه الحماس أو الغرور فخرج عن طوره ووصف أكاديميين وكتّاب صحف كباراً وأفاضل بأنهم «أبناء زنى رضعوا من المجاري وتربوا في بيوت الدعارة»!! وبسبب علو مقام من هاجمهم، وقذارة الأوصاف التي استخدمها، قام وكيل وزارة الإعلام حينها بالاعتذار لهم، وتمت لفلفة الموضوع بتدخل من قوى الإخوان، واعتذار الخطيب، ولكن لم تمر الحادثة من دون أن تكون لها تداعياتها. فقد قامت وزارة الأوقاف بعدها بإصدار قرار منعت فيه الخطب الارتجالية من على منابر المساجد، وفرضت على الخطباء إلقاء خطب مكتوبة ومرخصة من الوزارة، وألا يقل عمر خطيب الجمعة عن 50 عاماً، ولكن الكثير من الخطباء كسروا تلك القاعدة وتجاوزها آخرون، وخاضوا في كل أمر وشأن من دون اكتراث، فمنعت الوزارة المعنية بعضهم من الخطابة وعاقبت البعض الآخر، من دون أن تستطيع وقف محاولات الخروج كلياً. كما أثرت شتائم ذلك الخطيب على وضعه، فأصبح بين ليلة وضحاها شهيراً في محيطه، لجرأته في البذاءة. كما رأى فيه حزبه خامة يمكن الاستفادة منها في التهجم على خصوم الحزب، وهكذا بدأت نشاطاتهم المظلمة بتكرار استضافته، ولم تمر سنوات حتى أصبح نجماً يشار إليه بالبنان، بعد أن فتحت له بعض الحكومات أبواب مدارس الذكور والإناث، ليخرّب ما شاء له من عقول وأفكار الناشئة، كما رحّبت به المولات والمسارح ليطلق منها عظاته، متحدثاً في كل موضوع وميدان، وأصبح لا يرضى بغير أن يخاطب بمولانا، بعد أن أصبحت له برامجه التلفزيونية، ووصل نور نجمه إلى القنوات الخليجية. دفع استمرار سكوت السلطات عنه لأن يهتم به حزبه السياسي الديني أكثر، خصوصاً بعد أن أصبح حرف الدال، المكتسب من جامعة غير معترف بها، يسبق اسمه مرادفاً للقب «فضيلة الشيخ»، الذي لم يكن يرضى بأن يخاطب بغيره! وهكذا نجح، على مدى ثلاثة عقود، في استغلال الغيبوبة العقلية التي كان فيها المجتمع في إفساد الأفكار، وهذا ساعده وغيره من فرسان الصحوة في حصد النقد وتملك العقارات، وفاقم استمرار سكوت بعض الحكومات عنه وعن غيره من سفهاء الأمة في تسارع تدهور أحوالنا حتى وصلنا إلى حضيض الفوضى التي نحن عليها الآن! يقول أحد ضحايا ذلك الصبي إن كل تهمته في نظر ذلك المخرب أنه، كأستاذ جامعي، أخبر طالبة منتقبة بأن لوائح ونظم الجامعة تمنع إجراء اختبارات لمن لا تُعرف هويته، وبالتالي لا يعرف كيف يمتحنها، طالما هو غير متيقن من شخصيتها، وطلب منها أن تبحث عن فصل آخر. فوصل خبر الرفض إلى الصبي الداعية فتهجم عليه بتلك الألفاظ والأوصاف.
***
يطالب ثوار لبنان والعراق سياسيي دولتيهم بالكشف عن ثرواتهم، ونحن نطالب سياسيينا كذلك بالكشف عن ثرواتهم، ونزيد عليهم بمطالبة رجال الدين الذين ظهرت عليهم مظاهر ثراء غريبة بالكشف عن ثرواتهم!
***
ملاحظة: نشكر ونثمّن مبادرة «شركة المشروعات السياحية» بطرح مناقصة بناء حمامات ذكية على الشريط الساحلي. ونتمنى أن تحذو بلدية الكويت، بإدارتها الجيدة، حذو شركة المشروعات السياحية وتطرح مناقصة مشابهة لتركيب حمامات ذكية في قلب العاصمة.
أحمد الصراف