طرق النصب والاحتيال.. محلياً وعالمياً
ليس هناك سقف لصور وطرق الاحتيال لدى بعض ضعاف النفوس، وما أكثرهم في كل ملة ودين وطائفة، وتصبح مأساة عندما يقع الاحتيال من العاملين في مجالات الدعوة والتبشير والهداية. فكسب المال من السذج والباحثين عن الأجر والطامحين برضا الرب وغفرانه هو الأسلوب الأسرع والأسهل في جمع المال السهل، والإثراء من ورائه. فالهالة التي يراها البعض فوق رؤوس هؤلاء وصبغتهم الدينية تمنحهم شيئاً من الحصانة الأقرب للقدسية، وتحميهم من الشك في تصرفاتهم أو التجرؤ على المطالبة بمساءلتهم أو محاسبتهم. وكثيراً ما استغل هؤلاء هذه الهالة «خير» استغلال. فقد رأينا كيف نهبت مخصصات مالية ضخمة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وكيف تم التلاعب في موازنات بعض قطاعات طباعة القرآن والوسطية وبعثات الحج وغيرها الكثير. كما رأينا في العراق، فور سقوط حكم صدام، أن أول عمل قامت به جهات دينية معينة كانت بالتخلص قتلاً من جهات منافسة لها، ومنها السيد «الكليدار»، وهي كلمة فارسية تعني حامل الكليل أو المفتاح، والذي كان ينتمي لأسرة توارثت جمع نذورات الأضرحة. كما تعرضت أرصدة بنك الفاتيكان قبل سنوات لنهب المليارات منه، وتسبب ذلك في قتل أو انتحار المسؤول عن مالية الدولة، وتمت لفلفة الموضوع ربما حفاظاً على سمعة المطارنة والكرادلة من سوء القول. وورد في صحيفة وول ستريت جورنال، 11 ديسمبر 2019، أن عشرة في المئة فقط من أموال التبرعات للأعمال الخيرية تذهب لمقاصدها. أما التسعون في المئة الباقية، من أصل مبالغ بعشرات ملايين الدولارات، التي يتم جمعها دولارا دولارا باسم البابا، فإنها تذهب لتغطية العجز في موازنة الخزانة وليس للفقراء والعجزة والمرضى، الذين جمعت باسمهم. volume 0% this ad will end in 39 وفي الكويت، تبين من سؤال برلماني وجهه النائب أحمد الفضل، لوزيرة الشؤون، أن الجمعيات الخيرية تمكنت من جمع أكثر من 720 مليون دينار، أي ما يقارب المليارين وثلاثمئة مليون دولار، خلال السنوات القليلة الماضية. ولو صرف هذا المبلغ على المعوزين والبدون، لما بقي فقير في الكويت، فمعروف أن القائمين على أغلبية هذه الجمعيات يسمحون لأنفسهم، باستقطاع نسب من هذه الأموال لأنفسهم، كونهم من «القائمين عليها». وهناك اقتراح من أحد النواب لجعل النسبة التي يحق للقائمين على الجمعيات استقطاعها من الأموال التي تقوم بجمعها بحدود %12، فهل يعني ذلك أنهم يستقطعون نسباً أعلى لأنفسهم؟! ومن الحيل التي يلجأ إليها بعض العاملين في مجال الدعوة، من مالكي دور النشر، هو إعادة إصدار ونشر وتوزيع الكتب الدينية، ذات المواضيع الثقيلة، بعد قيامهم بوضع مقدمات لها «بأقلامهم»، ومن ثم الطلب من جهات دينية أخرى تمويل طباعتها الفاخرة على حسابها في مطابعهم! القائمة تطول والمجال ضيق، وليس أمامنا غير الدعوة من خلال هذا المقال لعدم استثناء أي جهة أو شخص من المراقبة والتدقيق. فالشفافية شبه معدومة لدى الجهات الدينية، ولو تركت لحالها لما تبرعت بالكشف عن مصادر أموالها، أو مصارفها.
أحمد الصراف