الجهل الغوغلي
يحلو للبعض، أو يرضي شيئا من غرورهم الفارغ، وصف كاتب بـ«الغوغلي»، لأنه يستعين أحيانا بغوغل google في ما يكتب! هذا الكلام يتضمن كمّا لا بأس به من الجهل بطبيعة ما يحتويه غوغل من كنوز، أو ما تعنيه الاستعانة ببحره اللامحدود من المعلومات من فائدة جمة. ما يعطي أي مقال او بحث قوته يعتمد على مصداقية الكاتب ومعلوماته الشخصية، والأهم من ذلك المصادر والمراجع التي اعتمد عليها في كتابة مقاله أو بحثه، والتي توجد في مكتبات الجامعات ومراكز البحث والبرلمانات. اليوم أصبحت زيارة مثل هذه الأماكن شيئا من الماضي بعد أن نقل غوغل، مشكورا، الذي يسخر من عظمته الجهلة، نصوص أعظم الكتب، ومحتويات أعظم المكتبات لها إضافة إلى عدد هائل لا يمكن تصوره إطلاقا من الأفلام الوثائقية والمقابلات والخرائط والوثائق وغيرها من المواد الترفيهية، ومن هذه الجهات مكتبة الكونغرس والبرلمان البريطاني اللتان تحتويان على أكثر من 320 مليون بحث، و65 مليون كتاب.
***
يطلب الأطباء كثيرا من مرضاهم إجراء فحوص اشعاعية، مثل الأشعة السينية xray أو mri وتعني تصوير الرنين المغناطيسي، أو ct scan وتعني مسح التصوير المقطعي بالكمبيوتر. وغالبا ما يسرف بعض تجار الطب في طلباتهم، أو لا يكترثون بالتأثيرات الجانبية لهذه الأجهزة على مرضاهم، أو لا يهتمون باختيار جهاز الفحص الأفضل لكل حالة. سأحاول في هذا المقال، وبطريقة قريبة من الدقة، شرح أهمية كل جهاز لكل مرض، بحيث يمكن للقارئ، وحتى الذي سخر من غوغليتي، تجنب أو التقليل من الآثار الجانبية الضارة لهذه الأجهزة. تساعد هذه الأجهزة بشكل عام في التشخيص، بالتالي في وصول الطبيب لوصف العلاج الصحيح. فالأشعة السينية عبارة عن فحص تقوم خلاله أشعة كهرومغناطيسية صادرة عن جهاز إشعاعي خاص باختراق أنسجة الجسم، لتنعكس على لوح يوضع خلف الجسم، لتتشكل عليه صورة أعضاء الجسم التي اخترقتها الأشعة. يؤدي التعرض لهذه الأشعة لتضرر المادة الوراثية dna في الجسم. كما يحدث ارتفاع طفيف جداً في خطر الإصابة بالسرطان، والتسبب في احمرار الجلد وتساقط الشعر. أما السيتي سكان ct أو التصوير المقطعي المحوسب، فهو فحص يتم إجراؤه بواسطة الأشعة السينية، ويتيح الحصول على صور عالية الدقة، ثلاثية الأبعاد للأعضاء الداخلية في الجسم. لكن أضراره الجانية تفوق أضرار الأشعة السينية بـ200 مرة، ويمثل خطورة على جنين الحامل. لأنه يعرض المريض لخطر الاشعاع المؤيّن المسبب للأورام السرطانية. أما الرنين المغناطيسي، فهو عبارة عن فحص حديث لالتقاط الصور من دون استخدام الأشعة، حيث تتم فيه الاستعانة بالمجالات المغناطيسية وموجات الراديو، وهو أكثر الأجهزة الثلاثة أمانا. ومن اجل تقليل تعرضنا للأشعة الضارة، فإن علينا التيقن من أن الطبيب قام بوصف الجهاز المناسب لإجراء الفحص عليه. فالسيتي سكان يصلح بشكل عام لفحص العظام والأورام السرطانية وتطورها، والنزيف الداخلي. أما الرنين المغناطيسي فهو أفضل وأقل خطورة بكثير، ويصلح للكشف عن المفاصل والمخ والصدر والأوعية الدموية والدسك والأعضاء الداخلية وحالات تمزق الأربطة. وفي جميع الأحوال، يجب أن نعي جيدا ان الفحص الذي يطلبه منك الطبيب تفوق فوائده ما نتعرض له من مخاطر. فقد أجريت صيف هذا العام، وبجهل تام، أربعة فحوص سيتي سكان، وهذا يعني أنني تعرضت لـ800 مرة للأشعة السينية الخطرة، ولم يحذرني من خطر هذه الأجهزة إلا العم غوغل، الذي عرفت الآن فقط سبب كراهية البعض له، فهو يكشف سابق «خمالهم» وكذبهم وغريب تصريحاتهم ومواقفهم التي تخلوا عنها، ولكنها بقيت حية في غوغل.
***
ننتهز حلول أعياد الميلاد المجيدة لنتقدم لكل أحبتنا المسيحيين، من مواطنين ومقيمين وغير مقيمين، بأفضل التهاني وأجمل التبريكات، متمنين للجميع سنة جديدة مباركة وسعيدة.
أحمد الصراف