مؤشرات التعليم اللعينة
بدأ التعليم النظامي في الكويت عام 1912 مع افتتاح مدرسة المباركية. بعد مرور مئة عام تقريبا تبين لمسؤولي وزارة التربية (التعليم) أن بيروقراطيتها وانشغالها بالأمور التنظيمية والسياسية والمالية حال دون اهتمامها بتطوير التعليم، مع تدخل السلطة ومنعها من وضع المناهج العصرية البعيدة عن الغلو. في عام 2006 فكر أحد مسؤولي وزارة التربية في إنشاء مركز يعنى بعملية تطوير التعليم ضمن خطة متكاملة بغية إحداث النقلة النوعية المطلوبة القابلة للقياس، من خلال الإشراف على تطوير المناهج، وإحداث تغيير في وظيفة المعلم وابعاده، قدر الإمكان، عن التحزب والقبلية والطائفية. ولكن تدخلت السياسة وأبت أن تترك المركز يعمل باستقلالية وحيادية، فسرعان ما دب الخلاف بينه وبين الوزارة، وهذا ما دفع خبرات جيدة لأن تترك المركز، وهي تشعر بالحزن والغضب لوضعه، خاصة بعد أن ألغت الوزارة الاتفاق مع البنك الدولي، وتوقف بالتالي برنامج البنك التطويري، الذي صرف الكثير من الجهد والمال عليه. من المؤسف حاليا ملاحظة أن مجلس أمناء المركز لا يختلف كثيرا عن مجالس الأمناء في العديد من الجهات، في ميل معظم أعضائه للسلامة والاكتفاء بقبض المقسوم دون ابداء أية اعتراضات على تدخل الوزارة في عملهم وفي طريقة إدارته. وهكذا نرى ان المركز، كغالبية الجهات الحكومية المعنية بالتعليم، يعاني من قضايا الاشراف والرقابة الحكومية، ومن تقييد ميزانيته التي لا تزال بيد وزير التربية، الذي يمكن أن يفعل الكثير لرفع مستوى العملية التعليمية. وفي تصريح سابق للصحف المحلية أدلى به الأستاذ «رضا الخياط»، أحد مؤسسي المركز وأول مدير له، وصاحب الخبرة الطويلة في العملية التربوية بأن المركز انشئ لمعالجة مثالب التعليم في الكويت، وتم تنفيذ بعض الأمور، ولكن تبين اثناء العمل ان هناك عقبات واجهتهم وأهمها ما تعلق بالميزانية، وأخرى تعلقت بطريقة أو آلية التقييم التي كشفت عن تعارض المصالح بين المركز ومكتب الوزير بالذات. فلا تزال ميزانيته ملحقة بوزارة التربية، الامر الذي يعرقل عمله بالصورة المطلوبة، لافتاً الى انه يحتاج لاستقلالية كاملة حتى يستطيع القيام بالدور المناط به، حاله حال اي جهة تقييم او اشراف. فلا يمكن أن يكون الوزير مشرفاً على عمل المركز الذي عليه مهمة تقييم عمل الوزارة!! وبالتالي فشل المركز في القيام بدوره منذ تأسيسه، وأصبح مؤخرا يشكو من جمود تام، وحتى من خطر إلغائه كليا بسبب إصرار الوزارة على ازدواجية عمله مع عمل إدارة أو قطاع المناهج والبحوث التربوية في وزارة التربية. إذا كان هذا حال أهم مراكز التعليم في البلد فما هو مثلا حال إدارة المواصلات في الوزارة نفسها؟ لنا ثقة بوزير التربية ونتمنى أن يعمل على استقلالية المركز وتحصينه وتعيين مدير اصيل له وإطلاق يده في إصلاح مسار التعليم، فيكفينا تخلفا وتراجعا.
أحمد الصراف