حكومة الاستعانة

وكما سبق أن ذكرنا بأن هناك نية لدى سمو رئيس الوزراء لمراجعة وضع عدد من الهيئات والمجالس وإعفاء المسؤولين عنها أو إلغاء بعضها. ومساهمة منا في هذا الجهد، نضع بتصرف سموه عينات أخرى من هذه الهيئات: يتزايد يوماً عن يوم عدد الشركات والجهات الحكومات التي تستعين بجهات خارجية لتؤدي لها خدمة أو مهام وظائف معينة بدلاً من قيامها هي بالعمل، ويسمى هذا بالإنكليزية outsourcing، وأصبح الأمر اتجاهاً رئيسياً في إدارة الموارد البشرية في العقود القليلة الماضية، كتكليف شركة حراسة متخصصة أو شركة تنظيف أو شركة مراقبة حسابات للقيام بالعمل مقابل عقد سنوي. ونشاط الاستعانة بالخارج عادة ما يكون أفضل وأقل كلفة! ولكن هذه الاستعانة لدى بعض الجهات في الكويت أصبحت مصدراً للسخرية والحيرة! فمثلاً، تم إنشاء هيئة طباعة القرآن لطباعته محلياً وتوزيعه، ولكن القائمين، ولأسباب معروفة، لم يطبعوا نسخة قرآن واحدة على مدى عشر سنوات. وبعد تعرضهم إلى الضغط استعانوا بـ outsourcing، وكلفوا مطابع في الإمارات لطباعة 70 ألف مصحف نيابة عنهم مع احتفاظ الهيئة الوقورة بالتسمية. كما قامت جهة في هيئة الغذاء بإصدار «إنذار سريع» بمنع استهلاك منتج «العسل الصحي» healthy honey لاحتوائه على مادة tadalfil، وهي بالمناسبة مادة محفزة جنسياً. وبعد شهر من صدور الإنذار السريع، تحركت إدارة أخرى داخل الهيئة نفسها لتفعيل الإنذار السريع! الطريف أن كتاب الإنذار ذكر أن السلطات الغذائية في السعودية هي التي اكتشفت المادة، وبالتالي هذا يعتبر نوعاً من الاستعانة بخدمات الغير outsourcing. وفي منطقة الزهراء، هناك فيلا فخمة لا يقل ثمنها عن 650 ألف دينار مخصصة للاستخدام لفترة ثلاثة أو أربعة أيام في السنة فقط لاستعمال هيئة رؤية الهلال. وحيث إننا نستعين، ونتبع ما يصدر من سلطات المملكة في ما يتعلّق بتحديد هلال رمضان وبقية الأشهر، فإن هذا يعتبر نوعاً من الـoutsourcing، فما الهدف من استئجار هذه الفيلا، طالما أن لجنة الرؤية كلفت جهة أخرى، وإن بطريقة غير رسمية، لتقوم نيابة عنها بالمهمة الوحيدة المنوطة بها؟

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top