بناية «إيرباص».. والقوانين الأميركية
صدرت القبس قبل أيام، وهي تحمل خبرا مثيرا على صدر صفحتها الأولى، تعلّق بقيام السلطات البريطانية بإدانة شركة صناعة الطائرات الأوروبية «إيرباص» لتقديمها رشى لوسطاء ومسؤولين من دول مختلفة «لمساعدتها» في شراء طائراتها، ومن هذه الدول الكويت.. وهناك تحقيقات تجرى بهذا الشأن. وتضمن الخبر السنوات التي تم فيها تقديم الرشى، ومنها يمكن الاستدلال بسهولة عمن قبض وبقي، ومن قبض وهرب! تتعامل السلطات الأميركية بجدية وقسوة أكبر مع قضايا تورّط شركاتها، أو الشركات الأوروبية أو غيرها، في مواضيع دفع رشى، مقارنة بالحكومات الأوروبية الأكثر تساهلاً، لاعتقاد الأميركيين أن ذلك يضر بمصالحهم العليا، ويفقد شركاتهم فرصة المنافسة العادلة مع غيرها، وهذا ما لا يراه الأوروبيون، المتساهلون أكثر في موضوع «الدفع تحت الطاولة». وكان لافتا للنظر بالتالي كبر مبالغ الغرامات التي دفعتها شركات ومصارف عالمية كبرى عدة في السنوات الأخيرة، لتورّطها في عمليات «غير أخلاقية»، وكان آخرها ما أعلنته وزارة العدل الأميركية قبل بضعة أيام عن موافقة شركة إريكسون العملاقة على دفع أكثر من مليار دولار للحكومة الأميركية كتسوية في قضية اتهامها بدفع رشى في دول آسيوية وشرق أوسطية، وربما بينها الكويت، للحصول على صفقات. وتمنح القوانين الأميركية القضاء سلطة على الشركات الأجنبية التي يتم تداول أسهمها في البورصات الأميركية، أو في حال كانت الجريمة تمس سيادة الولايات المتحدة أو نظامها المالي. وبالتالي، على السلطات التشريعية والتنفيذية لدينا، توخّي الحرص، والعمل على منع تورّط أي شركة أو جهة في الكويت في عمليات قبض رشى من الشركات العالمية، لخطورة ما سيتبع ذلك من احتمال تحرك السلطات الأميركية ضد جميع الأطراف وتغريمها مبالغ طائلة. لقد نجح الكثيرون، مواطنين ومقيمين، في الحصول على عمولات دسمة، في السنوات الماضية، على صفقات سلاح وغيرها، ولكن الموقف العالمي، والأميركي بالذات، من مثل هذه القضايا أصبح أكثر حزما، ويشكل خطورة ليس فقط على الشركة الراشية والجهة المرتشية فحسب، بل وأيضا على حكومة الدولة التي وقعت فيها الرشوة. وبالمناسبة، هناك في منطقة السالمية مجمع فخم، يسميه الراسخون في العلم مجمع «إيرباص»! وحيث ان شركة صناعة الطائرات الأوروبية لا تمتلك ذلك المبنى، فبالتالي عليكم فهم سبب التسمية!! أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw