المطلوب من متري وموهان ومتولي

كانت الكويت منذ وجودها ككيان معروف، وتالياً كدولة مستقلة، ملجأ من لا ملجأ له. فلها وصلت الركائب من مدن ودول قريبة ومجاورة، وبلغتها القوافل وسكنتها العاربة والمستعربة، ومن أجلها عبر البشر البحور والشطوط، وقطعوا الجبال وعبروا الأنهار، ليسكنوا لها وفيها. ومع بداية العقد السادس من القرن الماضي، صدرت بطاقات الهوية، أو الجنسية، واعتبر كل من كان في الكويت عام 1920 وما قبل ذلك، كويتياً بالتأسيس، بصرف النظر عن دينه، مذهبه أو لونه.وبالتالي يمكن اعتبار الكويت، ودول كثيرة عظيمة، وطن مهاجرين.

* * *

عاش الوافدون في الكويت بسلام على مدى عقود، وحقق الكثير منهم نجاحاً كبيراً، ثم عاد البعض منهم بالمليارات لأوطانهم أو استمروا واستمر أبناؤهم في العيش في الكويت، التي كفلت للجميع حقوقهم. طوال بقاء هؤلاء في الكويت، على مدى السنوات الخمسين أو الستين الماضية، لم يطالبهم أحد بدفع فلس واحد أكثر مما يدفعه الكويتي نتيجة عمله في التجارة أو المقاولات. كما كانوا معفيين تماماً من الضرائب. مرت الكويت عام 1990 بمحنة الغزو والاحتلال العراقي، وخسرت الدولة المليارات، وبعد التحرير عاد الأثرياء من المقيمين إلى أعمالهم وتجارتهم وشركاتهم وقسائمهم ومساكنهم، وحصلوا على تعويضات مجزية كما المواطنين، ولم يتحملوا فلساً من تكاليف التحرير. اليوم الوضع مختلف تماماً، فالدولة تعاني من ضغوط مادية ونفسية، مع وجود أكثر من مليون وافد بلا عمل، ونسبة منهم بلا طعام، ونسبة ثالثة لا تريد لا هذا ولا ذلك، بل فقط العودة لأوطانها. وأخاطب هنا كبار أثرياء الجاليات، العربية والأجنبية، والتي لم يقصر أفراد فيها في تقديم يد العون لمواطنيهم، لكن تبقى تلك المحاولات متواضعة جداً، على أهميتها، مقارنة بحجم المأساة. وعليه نتوجه بهذا النداء لكل أثرياء الجاليات الكبيرة، من هنود ومصريين ولبنانيين وسوريين وغيرهم، للمبادرة والتبرع «طوعاً» ليس فقط لصندوق دعم جهود الحكومة في التصدي لوباء الكورونا، بل وفي تشكيل فرق إغاثة لمواطنيهم وإطعامهم، وإيوائهم، والصرف على برامج ترحيلهم. فلا يجوز أبداً أن نتصدى منفردين، في جمعية الصداقة الكويتية الإنسانية لإطعام وإغاثة مواطن لبناني أو مصري أو هندي، وغالبية أصحاب الملايين والمليارات من هذه الجاليات لا يفعلون إلا القليل! ولا يجوز أن أتبرع وغيري من المواطنين، وبعض المقيمين بالأموال، وأن أسهر حتى الواحدة فجراً كل يوم، لاستقبال وفرز والرد على آلاف المكالمات ورسائل الواتس أب (دون مبالغة)، وقيام متطوعي الجمعية بمواجهة أخطار الوباء، لتلبية أصحاب الحاجة الماسة، وأثرياء الجاليات في نومهم ينعمون. إننا نطالب أغنياء مختلف الجاليات، الذين نكن لهم كل محبة واحترام، ولبعضهم مبادرات كريمة معروفة، نطالبهم بتحمل جزء من المسؤولية، قبل أن تفرض الحكومة الأمر عليهم. فقد حان وقت رد جزء من المعروف لوطن طالما كان لطيفاً وكريماً معهم، فهم اليوم، كما كانوا دائماً، برعايتها، وهي التي توفر لهم ولأسرهم اليوم كامل الحماية الصحية والأمنية والمالية، وليس أوطانهم، وهذا يجب أن يكون في اعتبارهم، فنحن جميعاً في قارب واحد. كما على السفارات، المعنية بالأمر أكثر من غيرها، أخذ زمام المبادرة والتحرك مع أثرياء الجالية سريعاً للتقليل من حجم معاناة مواطنيهم. 

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top