كمّامات خالد الروضان.. والبلعاوي

انتشر على وسائل التواصل نص المقال الأخير، الذي كتبه الصحافي الفلسطيني/ النمساوي الراحل «البلعاوي»، الذي تحدث فيه عن ملاحظته عن الشعب النمساوي الذي لم يقل «شكراً» لحكومته، على أدائها البارع في الحرب المفتوحة ضد وباء «الكورونا». وأضاف مستغرباً: لا أحد قال شكراً حتى في ألمانيا لميركل أو «القيادة الحكيمة»! وإن أقصى ما يمكن ان يقوله النمساوي او الالماني تعليقاً على النتائج الجميلة التي تحققت في البلدين: لقد قامت الحكومة بما عليها أن تقوم به، وإن الإجراءات التي اتخذتها صحيحة! أما أنا فلا أتفق أبداً مع منطق المقال، ولا مع الإعجاب الذي لقيه من الكثيرين، وقيامهم بتعميمه وكأنهم يطالبوننا بعدم شكر مسؤولينا على إنجازاتهم، وذلك للأسباب التالية: أولاً: المقارنة ليست عادلة بين ما يتوقّعه المرء في مجتمعات أوروبية متقدمة، مقارنة بما يجري في مجتمعات الشرق. ثانياً: في غياب نظام ضرائب جيد، فإن راتب المسؤول لا يدفعه، نظريا، الناخب، بل يدفعه النظام المالي للدولة. ثالثاً: يتطلب الذوق، في أي مجتمع، أن نقول شكراً لمن أحسن استقبالنا واستضافنا في بيته، وليس من الأدب عدم القيام بذلك، بحجة أن لا أحد أجبره على استقبالنا واستضافتنا! ومن هذا المنطلق أجد نفسي ملزماً بتقديم الشكر للقيادة وللوزراء المميّزين في أعمالهم، والشعور بالامتنان لكل من شارك في التخفيف من معاناتنا مع الوباء، خاصة الهيئتين الطبية والأمنية؛ فالجميع خاطر بنفسه، ومن السخف القول إن الطبيب لا يستحق الشكر على عمله لأنه يتقاضى راتبا عليه!

* * *

إن مصيرنا اليوم في الكويت مرتبط بالدواء والغذاء، ووزيرا الصحة والتجارة معنيان أكثر من غيرهما بهذا الأمر، وتواجدهما المكثّف على الساحة أمر مطلوب، وهما يُخطئان أحياناً، ولكن هذا قدَر من يعمل. وبهذا السياق شعرت بانزعاج شديد لسرعة انتشار تغريدة، عبّرت فيها مرسلتها عن استغرابها لرفع أسعار الكمامات الطبية، بعد أن علمت (هي التي علمت!!.. ولا نعرف من أين؟!) أن لوزير التجارة مصلحة في استيراد ثلاثمئة مليون كمام، وأن وكيلها صديق للوزير، كما زعمت. طبعاً، لست في معرض الدفاع عن الوزير القادر أكثر من غيره على الدفاع عن نفسه وسمعته، وثقتي به كبيرة، ولكن اتهامه بالتربّح من صفقة شراء الكمامات غير دقيق. ولكوني أتعامل في استيراد الكمامات وبيعها، فإنني كنت، إلى حد ما، طرفاً في تعديل سعرها السابق. وبإمكاني الجزم بالأمور التالية: 1 - تحديد سعر الكمامات، كالأدوية والأجهزة الطبية، هو من اختصاص وزارة الصحة فقط، وليس لـ«التجارة» غير تنفيذ قرار الصحة ومراقبة التزام الصيدليات به. 2 - وزارة الصحة هي التي حددت سعر علبة الكمامات بخمسة دنانير، في ذروة الحاجة إليها. volume 0% 3 - مع ازدياد الطلب العالمي على الكمامات، وتوقّف مصانع الصين، المصدر الرئيس لها عن صنعها مؤقتا، ارتفعت أسعار الكمامات لمستويات عالية. كما ارتفعت تكلفة المواد الخام، وتكلفة الشحن بالطائرة. وقد قمت شخصيا بالاتصال بوزير التجارة، السيد خالد الروضان، وشرحت له أسباب ارتفاع الكمامات عالمياً، وضرورة تعديل السعر، فاعتذر بأن ذلك يعود لوزير الصحة، وليس له. 4 - ولمواجهة الطلب المتزايد محلياً، نتيجة عودة آلاف الكويتيين من الخارج، وحاجة وزارة الخارجية لها، غير حاجة المستشفيات الخاصة والحكومية، هذا غير «الخطوط الكويتية»، وبعد أن تبيّن لـ«الصحة» جليا استحالة قيام أي مورّد للكمامات باستيرادها بالسعر المعلن، قامت «الصحة»، مشكورة، بإصدار قرار جديد، حددت فيه سعر الكمامات بـ5. 7 دنانير للعلبة. من كل ذلك، يتبيّن عدم وجود علاقة لوزير التجارة بالسعر الجديد، وهذه شهادة للتاريخ أذكرها، شاكراً له نشاطه وعمله الدؤوب واهتمامه المستمر في المحافظة على مخزون الدولة من الأغذية، ومتابعة جهود رجاله في مراقبة الأسواق، وحماية المستهلك.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top