ظاهرة محمد العويهان

يعتبر الداعية محمد العويهان شخصية مثيرة للجدل، وسبق أن جمع تبرعات وكان عضوا في «اتحاد الحملات الكويتية لنصرة الشعب السوري»، ومعارضا للنظام السوري ولداعش.

***

لم أكن اعرف مدى خواء فكر وضعف حجة أغلب الجمعيات الخيرية التابعة لأحزاب دينية، إلى أن قرأت هجومهم على «محمد العويهان»، فقد قالوا فيه ما لم يقله مالك في الخمر. فقد اكتشفوا فجأة، وبعد ثماني سنوات، أن الرجل كان يحارب في سوريا (!!) وبالتالي على السلطات «الآن» محاكمته، متناسين أن رجالهم كانوا أصلا من المحاربين هناك، وفيديوهات اليوتيوب خير برهان، فهل سيطالبون بجرهم أيضا للقضاء، أم أن الأمر مقتصر على العويهان فقط؟ كما طعنوا في عقيدة الرجل وأسرته، بعد أن تبين لهم «فجأة» أنه نسب نفسه لغير عائلته! وهذا دأب الإخوان أو أرشيفهم. فما ان يختلفوا مع شخص ويودوا الانتقام منه حتى يلجأوا للأرشيف بحثا عما يسيء له ويطعن في سمعته، وبعد كل هذا يسمون أنفسهم «إخوان مسلمين».

***

ما «جريمة» العويهان، بنظر الجمعيات المسيسة؟ جريمته أنه حاول تقويم العمل الخيري والتحذير من النسبة العالية التي تقوم بعض الجمعيات التابعة لـ«الإصلاح» مثلا وغيرها، باستقطاعها من أموال التبرعات، والتي تبلغ %12.5، وكيف أن النسبة ترتفع لتصل إلى %25 إن ذهبت التبرعات للخارج، حيث تخضع لإشراف وزارة الشؤون (ولا لإشراف أية جهة). كما قال في شريط آخر ان بعض الجمعيات الخيرية في الكويت تطلب تبرعات تبلغ في المتوسط 6875 دينارا لحفر بئر ارتوازية واحدة في مدينة أفريقية فقيرة. بينما تبلغ تكلفة حفر البئر نفسها من خلال الجمعيات الخيرية السعودية ثلث ذلك المبلغ تقريبا! وأخبرني صديق، وكاتب سابق، أنه هاجم يوما سرقات بعض الجمعيات الخيرية، فردت عليه ثلاث منها بعدد الآبار الارتوازية التي حفرتها في أندونيسيا، وكان يومها هناك، فأخبرها أن هذا دليل على كذبهم، فمناخها الاستوائي، وأمطارها المستمرة تجعلها بغير حاجة لآبار ارتوازية. وفي محاولة من اتحاد الجمعيات (ديوان السبيل) لتكذيب كلام العويهان، في ما يتعلق بوجود فوارق كبيرة بين ما يجمع في السعودية من أموال لحفر بئر ارتوازية في دولة أفريقية، وبين تكلفتها المعلنة من جمعيات في الكويت، قال الرئيس المبجل للاتحاد ان الكلام غير دقيق، وأورد بعض الحجج غير المقنعة، ولكنه ذكر ملاحظة في غاية الأهمية وهي أن الجهة «الخيرية» الوحيدة، في السعودية، التي يسمح لها بالعمل في الخارج هي «مركز الملك سلمان»! والسؤال: لماذا لا يكون لدينا شيء مماثل؟ فإذا كان هدف الجمعيات الخيرية «الحقيقي» القيام بأعمال الخير، فلم لا توحد جهودها وتعمل بشفافية عالية، وبأقل ما يمكن من التكاليف؟ كما أن تجمعها سيوقف الهدر في مصاريف السفر والرقابة، إن وجدت أصلا، وسد ثغرات الفساد. ومن المنطقي الافتراض بأن من يعارض فكرة توحيد جهود الإغاثة في الخارج، هو مستفيد من بقاء الوضع الحالي! فهل لدى اتحاد الجمعيات رد على ذلك؟ وإلى الأسبوع القادم، فجعبة «العويهان» لا تزال عامرة بالمفاجآت!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top