الصغيرة والمتوسطة والكبيرة
لم يتعرض جهاز مالي في الدولة للفوضى والانتقاد والاستغلال كما تعرض الصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة. فمنذ تأسيسه عام 2013، وما يشبه الشؤم يلاحقه، سواء في الإدارة السيئة أو الوزير غير الراضي عن المشروع وإدارته، أو من تعاملوا معه. مواطن واحد وقف منذ اليوم الأول، وإلى اليوم، مع المشروع وكتب عنه وحاضر وتحدث عن أهميته، ولم يكل ولم يمل، وحتى بعد جائحة الكورونا لا يزال على رأيه بضرورة إعطاء الصندوق ما يستحق من أهمية، فهو إحدى اهم وسائل «إنقاذ» الجهاز الإداري المتخم بالموظفين، ومنصة لخلق قاعدة رجال ونساء أعمال لهم مكانتهم، مستقبلاً، ودوره في التخفيف على المال العام. يقول الخبير والمصرفي السابق «نادر العبيد» إن الصندوق قام من تاريخ مباشرته بمهامه بصورة فعالة بدراسة تمويل 6000 مشروع تقريباً، وافق على 1650 منها ورفض البقية لعدم جدواها. وأنه صرف على هذه المشاريع 280 مليون دينار، أي بمتوسط 170 ألف دينار للمشروع. إلى هنا والموضوع واضح وبسيط، وهذا قبل الكورونا، ولكن الشيطان يكمن دائما في التفاصيل. يقول السيد «العبيد» إن متوسط راتب الموظف الكويتي في الحكومة يبلغ 1450 ديناراً شهرياً، وهذا يعني 17400 دينار سنوياً. وبما أن الغالبية تبقى في الوظيفة الحكومية ثلاثين عاماً، فإن الموظف سيكلف الدولة نصف مليون دينار، قبل تقاعده، إضافة لمبلغ آخر كبير يمثل تكلفة غير مباشرة لوجوده في عمله، من مساحة ومكتب وموقف سيارة وحصته من الكهرباء والماء والشاي والقهوة، وعشرات المصاريف الإدارية الأخرى، هذا غير ما سيدفع له من رواتب تقاعد، حتى وفاته، وهذه التكلفة تزيد بأربعمئة ألف دينار على تكلفة تمويل مشروع، لو أن هذا الموظف اتجه بعد تخرجه إلى صندوق المشاريع بدلاً من العمل في الحكومة. وحتى مع احتمال إفلاس %50 من هذه المشاريع، يبقى الوفر كبيراً والفوائد عظيمة! يستطرد الخبير «العبيد» قائلاً إن أصحاب المشاريع الذين قامت الدولة بتمويلهم خففوا عن الدولة الكثير، ولو قام كل صاحب مشروع بتوظيف كويتي آخر لديه لتضاعف الوفر على المال العام، وبالتالي من الضروري الاستمرار في فكرة دعم الصندوق وخلق مشاريع صغيرة ومتوسطة، وتمويلها، وبخلاف ذلك فإن الحكومة مجبرة على توظيف كل واحد من هؤلاء، وما يعنيه ذلك من عبء مالي رهيب على المال العام يزيد على 500 الف دينار لكل مواطن، رواتب ومزايا، والأفضل بالتالي توفير التمويل اللازم للمشاريع التي تم رفضها، فتكلفتها لن تزيد على ربع تكلفة الوظيفة الحكومية، خاصة أن وضع الجهاز الإداري الحكومي أصبح مترهلا ولا يطاق ويمثل إعاقة أمام تطوره، وستزيد فيه البطالة المقنعة مع تحول أداء الكثير من المعاملات للأجهزة الإلكترونية، وإنجاز الأعمال online.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw