هل من رقابة على «الخيرية العالمية»؟
تأسست الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وهي هيئة مستقلة وواحدة من كبريات المؤسسات العالمية في الحقل الإنساني، عام 1984، لتقوم بتقديم خدماتها للمحتاجين في مختلف الدول من دون تمييز أو تعصب، وبعيدا عن التدخل في السياسة أو الصراعات العرقية.. ولا أعتقد أنهم التزموا حرفيا بذلك!ّ اكتسبت الهيئة قوتها من الدعم السياسي، ورأسمالها الكبير وتعدد الدول الإسلامية التي شاركت في تأسيسها، وكانت الكويت، دولة المقر، أكبر المتبرعين لها! كان من الممكن أن تكون هذه الهيئة، بما تتمتع به من احترام في العالم الإسلامي، رأس الحربة في تقديم يد العون للمحتاجين في مختلف أنحاء العالم الإسلامي بدلا من ترك الأمر لكل جمعية خيرية في الكويت لتقوم بمهام المساعدة والإغاثة في الخارج، بطرق غالبا ما اتسمت بالعشوائية وحتى الريبة، لاضطرار غالبيتها لأن يكون لها فروع في الدولة التي ترسل لها معوناتها، والتي تقوم بخصم حصتها من مبلغ التبرع قبل تسليمه للجهة المتبرع لها. يقول المثل إن السلطة المطلقة تؤدي غالبا لمفسدة مطلقة. فبالرغم من أن قانون إنشاء الهيئة ذكر بأنها تخضع للقوانين السارية في دولة الكويت، ويصدر قرار من مجلس الوزراء بتحديد الجهة التي تتولى الإشراف عليها، إلا أنها تاريخيا وبحكم الواقع، لم تقم أي جهة رقابية بتدقيق حسابات الهيئة بصورة فعالة، أو تسجيل أي مخالفات عليها. نكتب ذلك من منطلق عدم جواز وجود جهات بهذا الحجم واتساع الأعمال من دون أن تخضع لرقابة مالية وإدارية صارمة، فغياب الرقابة ربما يشجع بعض ضعاف النفوس على التمادي، خاصة أن غالبية أعضاء مجلس إدارة الهيئة يمثلون دولا أخرى، وغير مقيمين في الكويت. ولهذا لم نجد تحركا منهم فيما أثير قبل فترة مثلا عن استيلاء أحد «أعضاء مجلس الإدارة» على قطعة أرض منحتها حكومة أذربيجان للهيئة، وتسجيلها باسمه! وعلى ضوء كل أخبار الفساد التي لم تترك جهة إلا وطالتها، فإن من الضروري قيام جهة ما بالتدقيق فيما يثار من تجاوزات مالية وإدارية في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية. فعلى سبيل المثال، أصدرت نيابة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في السودان، أمرا بالقبض على رئيس مجمع الفقه الإسلامي السابق، عصام البشير، بتهمة غسل الأموال. وقالت صحيفة «السوداني» إن توقيف القيادي «الإخواني» كان على خلفية الاشتباه في قيامه بتحويلات مالية من حسابه بأحد البنوك المحلية إلى حسابه ببنك تركي بلغت 680 ألف يورو. وتم بناء على ذلك حجز أرصدته وحظر سفره، علما بأن عصام البشير كان يحظى بحماية وتعاطف النظام الدكتاتوري السابق والفاسد، فمن أين جمع ما يقارب المليون دولار في حساب واحد، وهو الذي كان طوال حياته موظفا، ومنها لفترة في الكويت؟ كما لم يكن مستغربا تدخل تركيا ومنح رجال نظام البشير السابق، اللجوء السياسي، ومنهم الأخ عصام! المشكلة هنا أن الجماعة في الهيئة العالمية استمروا في التجديد لعصام البشير عضوا في مجلس إدارة الهيئة، بالرغم من كل التهم التي تلاحقه، فمن يتحمل مسؤولية هذا التجاوز الأخلاقي الخطير؟
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw