الفيلا والخيمة
يعيش معززا مكرما في وطنه الكويت، مستمتعا بحريته في التنقل ويحمل جوازا خاصا، ويسكن في بيت ضخم يحتوي على عشرة غرف نوم بحماماتها، مستمتعا بكل الخدمات من تكييف وكهرباء ومطبخ كبير ومياه جارية. لديه أسرة وأصحاب وديوان يجتمع به مع رفاقه، وأحفاده يذهبون لمدارس راقية بسيارات فارهة، ويسافر متى شاء وأينما رغب، ويمتلك مكتبا فنيا يكسب منه الملايين، وكرس وقته مؤخرا لإنجاز معاملات المواطنين لدى الجهات الحكومية مستخدما نفوذه الديني، من خلال انتمائه لحركة الإخوان، ونفوذه العشائري، من خلال القبيلة التي ينتمي لها ونفوذه السياسي الذي اكتسبه من سابق حياته النيابية، في تمرير ما يصعب تمريره من عقود وصفقات. يعيش بشكل عام حياة مرفهة وسعيدة لا ينقصها شيء، ويعرف جيدا كيف تُؤكل الأكتاف، فهو خبير بها.
***
فجّرت الإمارات، التي يعاديها، مفاجأتها بالإعلان عن التطبيع مع إسرائيل فوجدها فرصة للنيل منها ومن كل عاقل أيدها، واصفا من عارض رأيه بالمتخاذل والمثبط، مطالبا الحكومة، مع جمعيات نفع عام، برفض التطبيع والاستمرار على الموقف الثابت! ما لا يعرفه هذا الجاهل أن ليس هناك شيء في الحياة اسمه «موقف ثابت»، فكل شيء قابل للتغيير يوما، شئنا أم أبينا، فهذا منطق التاريخ. فرفضنا لأية تسوية لوضع الشعب الفلسطيني، الذي استمر لأكثر من سبعين عاما لم يجلب لهم إلا الخراب والتخلف، والفساد والثراء لزعاماتهم. والمؤسف أن هؤلاء الذين يطالبون الفلسطينيين بالصمود والصبر في مخيماتهم وشتاتهم لم يفعلوا يوماً شيئاً لقضيتهم غير إبداء السلبية المطلقة ورفض كل الحلول، والمزايدة العنترية على حساب خمسة ملايين مشرد لا يمتلكون شيئاً مما يملك، فلا يملكون فيللا ولا مياهاً نظيفة جارية ولا تعليماً مستمراً ولا خدمات صحية ولا طعاماً كافياً، ولا تكييفاً مركزياً ولا كهرباء 24/7. ما الذي خسره شيبوب وغيره من رفض كل فرص السلام في المنطقة؟ لا شيء، بل ربما جنوا شعبية أكبر من وراء الرفض، أما أصحاب القضية فلا رأي لهم، بنظر هؤلاء، ولا قول، ولم يبذل أحد من المعارضين ولو جهدا بسيطا في اقتراح استفتاء أصحاب القضية عن مصيرهم.. منذ 1948 وحتى اليوم! فهل هناك متاجرة ومزايدة أسوأ من هذه بقضية عادلة وحقوق مسلوبة، منا قبل غيرنا؟ يجب أن يخجل هؤلاء من مواقفهم السلبية، وأن يوقفوا هذه المهزلة، فقد طفح الكيل بالمواطن الفلسطيني، وحرام أن يبقوا على وضعهم المهين وغير الإنساني لسبعين عاما أخرى، فقط لأن هناك من يستمتع برفض أية حلول قد تنتشلهم من مآسيهم التي طالت، مستمتعين في الوقت نفسه برغد عيشهم، ولا استعداد لديهم لصرف فلس أحمر أو رفع إصبع أصفر في الدفاع عن الحق الفلسطيني غير التصريح برفض السلام، جملة وتفصيلا، فما أكثر بؤس هؤلاء الجبناء البخلاء!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw