الحمة مع الضفادع
أرسلت الطرفة التالية بالإنترنت لجمع من الأصدقاء، ويبدو أن اثنين منهم لم يصدقا أن «رجلا» يمكن أن يتصرف بما تصرف به «بطل» هذه الحكمة: تقول الطرفة ان رجلا في السبعينات من عمره ذهب لصيد السمك، وهي هواية لا تجذب النساء، لأن بها لحظات سرحان لا تعد ولا تحصى، والمرأة لا وقت لديها عموما للسرحان! وهناك، وهو سارح في أفكاره، سمع صوتا يقول: التقطني! فنظر حوله فلم ير احدا، فاعتقد أنه واهم. عاد الصوت مرة ثانية: التقطني! وهنا تأكد من ان شخصا ما يخاطبه، ولكنه لم يجد أحدا حوله أو قريبا منه، وعندما تكرر النداء نظر في الماء فوجد ضفدعة طافية على سطحه وتبحلق فيه وتطلب منه أن يلتقطها، فقال لها هل تكلمينني؟ فردت بنعم، وقالت ان التقطني وقبلتني في فمي فسأتحول لأجمل امرأة وقعت عيناك عليها، وتأكد أن جميع أصدقائك سيحسدونك على جمالي، وسأكون لك أنت فقط! وهنا مد الرجل الكهل يده والتقط الضفدعة ووضعها في جيب سترته، فصاحت فيه: ما الذي تفعله يا هذا، هل جننت؟ ألم تسمع ما قلته لك، قبلني وسأتحول لفتاة جميلة وأكون لك! فأدخل الرجل اصبعين في فتحة جيبه وقال لها: لا لست مجنونا، ففي عمري من الأفضل أن يكون لدي ضفدع يتكلم كالبشر من أن تكون معي فتاة جميلة!
وفي نهاية الطرفة وردت الجملة التالية «مع التقدم في العمر تأتي الحكمة»! ولكن النهاية لم تعجب صديقين، وذكر كلاهما أنه من النادر وجود رجل يفضل اقتناء ضفدعة تتكلم على فتاة جميلة! وأقول انه ربما معهما حق، ولكن الرجل الكهل لم يكن غبيا، فهو لم يختر إبقاء الضفدعة إلا بعد ان «حسبها صح»، فوجود صبية رائعة الجمال بجانبه أمر جميل، وربما أكثر من ذلك، ولكنها أيضا ستشكل عبئا نفسيا وجسديا وماديا لا طاقه له به، هذا خلاف طمع الآخرين بها، وما سيتطلبه الأمر من جهد لحمايتها من «الذئاب»، وهو عاجز عن إرضائها أو إرضاء نفسه معها، وبالتالي وجد أن الحصول على ضفدعة تتكلم كالبشر أمر مسل وممتع وافضل من صبية رائعة الجمال!
ونعود للفقرة الأولى من المقال ونقول إن كل واحد منا سيصبح يوما حكيم زمانه وعليم مكانه! ولكن المشكلة تكمن في التوقيت، فان نصبح حكماء ونحن على فراش الموت شيء، وبلوغ الحكمة قبلها بكثير شيء آخر، فنحن عادة نكتشف أن الدنيا فانية، وما كان يجب أن نجري جري الوحوش خلف المال والملذات، ولكن غالبا ما يأتي هذا الاكتشاف متأخرا، فالتوقيت هو المهم، والسعيد ليس من عرف سر الحياة، بل من عرفها قبل غيره.