تعليم الأخلاق عن بعد

نقلت القبس عن مصادر حكومية أن ميزانية جامعة الكويت سيتم خفضها، وسيؤثر هذا بصورة مباشرة في ما يصرف على البحث العلمي، وبالتالي سيؤثر في تصنيف الجامعة، المتردي أصلاً!

***

طبعا لا شيء اسمه «بحث علمي» حقيقي في الجامعة، لكن أتى هذا الخبر ليكمل مأساة التعليم، وسبب كل تخلفنا، وفي وقت هو الأسوأ في تاريخ الوزارة منذ أن تسلمها الوزير الحالي، الذي كان من الممكن ألا تظهر نقاط ضعفه بهذه السرعة والوضوح، لولا «الجائحة المباركة». التعليم عن بعد يحتاج قبل كل شيء قدرا كبيرا من الأخلاق، وهذا شبه منعدم في المجتمعات التي تبالغ في الاهتمام بمظاهر التدين التي تخلق إنساناً مزدوج الشخصية، ملتزماً أمام مجتمعه، منحلاً خارجه! فالتعليم عن بعد يشبه الحجر الصحي الاختياري في البيت الذي يتطلب درجة عالية من الالتزام بالتعليمات وعدم الخروج. فالتعليم عن بعد يتطلب التزاماً أخلاقياً عالياً، وبغيابه يصبح بلا معنى. فقد لاحظ أكاديميون ومعلمون أن غالبية الطلبة يتركون المنصة بعد الدخول إليها، وتسجيل تواجدهم.. وهذه قضية أخلاقية. كما تبين لهم ارتفاع نسبة الغش وتطابق غالبية الأجوبة.. حرفياً، وهذه مسألة أخلاقية. وغير ذلك من ثغرات.

***

كما ظهرت مشاكل كثيرة نتيجة تطبيق التعليم عن بعد، خاصة في مجتمع متخلف. فالأسر التي لديها أعداد كبيرة نسبياً من الأبناء لا يمكنها متابعة انضباطهم جميعاً في عملية متابعة التعليم عن بعد. كما تواجه هذه الأسر مشكلة مالية كبيرة تتعلق بعجزها عن توفير أجهزة كمبيوتر لكل أبنائها، هذا فوق عدم قدرة الوالدين على متابعة تعليم الأطفال كافة، فهذه مسألة مرهقة بالفعل! كما أن إهمال الوزارة لمسألة تعليم «تقنية أو ثقافة الكمبيوتر» على مدى السنوات الأربعين الماضية خلق أجيالاً جاهلة بما يعنيه هذا الجهاز العجيب. كما أن عدم توافر هذه الأجهزة في مدارس الحكومة دفع عدداً كبيراً من المدرسين إلى شرائها من أموالهم، هذا غير اضطرارهم إلى دفع تكلفة اشتراك الإنترنت. ولم يكلف أحد في وزارة التربية نفسه التفكير في وضع المدرسات والمدرسين الذين لديهم أطفال في سن الدراسة، ومطلوب منهم تعليم طلبتهم من جهة ومتابعة «تعليم» أبنائهم من جهة أخرى؟ وواضح من كم المشاكل التي غاصت بها الوزارة مدى عجزها، ففترة الأشهر الستة كانت تكفي، للتفكير على الأقل، في مشاكل التعليم عن بعد، وحتى هذه فشلت وزارة الوزير الهمام في القيام بها. فالوزير ملام حتماً، فهو رأس الوزارة، لكن إنصافاً للحق فقد حاول البعض إصلاح التربية لكنهم فشلوا. ويمكنني القول - من واقع تجارب هؤلاء - إنهم لم «يمكنوا» من ذلك، فالتعليم في الكويت يخضع لأهواء التدين السياسي وضغوطه، وليست عملية تربوية مستقلة.. ولهذا سنبقى أسرى قوى التخلف، ربما للأبد!! 

‏سينتهي هذا الإعلان خلال 15 أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top